هدر الميزانيات
حصة سيف
كل موظف مسؤول عن تنظيم الفعاليات أو إطلاق المبادرات محاسب عن كل درهم يصرف من الحكومة. والمراقبة والمحاسبة قبل أن تكون من الجهة المسؤولة لا بد أن تكون نابعة من ضمير كل موظف، فماذا يعني أن تنظم مبادرة الهدف منها تفعيل الجانب الاجتماعي أو مبادرات بسيطة بمبالغ تصل لآلاف من الدراهم، وتؤثر في الميزانية العامة للجهة على مدار العام، في حين يمكن أن يتحقق الهدف منها في أقل من ربع تلك المبالغ المرصودة وبجدوى ملموسة.
لا نقصد أن يتم التقشف في المبادرات، إلا أن ضرورة دراسة جدواها وأثرها في الجهة أو الشريحة التي تستهدفها، بشكل أكبر من تحقيق المنفعة الاقتصادية للجهات التجارية المشاركة في تنفيذ تلك الفعاليات في المقام الأول، مسؤولية محتمة على الجهة المنظمة، وفي الواقع للأسف يتحقق النزر اليسير من أهداف الفعالية المرجوة، وهذا هو مربط الفرس، إذ لا بد أن يفكر الشخص المسؤول عن تلك الفعاليات في كيفية تفعيل تلك المبادرات بأقل الميزانيات وأكثرها تفعيلاً وخدمة لأهدافها المقصودة.
فحين تنظم مبادرة بسيطة جدًا يستفيد منها عدد قليل من الموظفين، تحت غطاء تحقيق السعادة لهم، بمبالغ كبيرة مبالغ فيها، هنا يكون الهدر في الميزانية، إذ كان من الأجدى أن تبدع الجهة في إبراز مواهب موظفيها وإتاحة الفرصة لهم لتقديم وتنظيم تلك الفعالية، بدلًا من إعطائها للجهة التجارية، وكذلك من الأجدى أن تفعل دور الجهة في دعمها للمشاريع الصغيرة الخاصة بالمواطنين، وإن غالت تلك المشاريع في أسعار خدماتها، إلا أن المستفاد الحقيقي هو ترابط ودعم الجهات لتلك المشاريع الصغيرة والمتطلعة لأن تكبر وتنافس وتقارع الأكبر منها.
دعم المشاريع الصغيرة، خاصة تلك التي تدار من صاحب المشروع المواطن، ويستبعد الكفيل النائم في هذه الحالة، لابد أن يرتبط كذلك بضرورة اختيار المشروع تحت معايير دقيقة ومجدية، ولا تقتصر على ملكية المواطنين لها، والمعنى بشكل عام هو تفعيل الأفكار الإبداعية في المجال الاجتماعي ومساهمة الجهات الحكومية بتفعيل مسؤوليتها الاجتماعية بفعاليات ذات إفادة أكبر للمجتمع أو للشريحة التي تستهدفها، ولا يمكن أن نصل لتلك الدرجة من الوعي إلا إذا استشعرنا مسؤولية صرف الميزانية، وكأننا نصرف من مالنا الخاص. وحين نستشعر أهمية ما نقوم به من فعاليات بناءً على معايير وأساليب ممنهجة ذات جدوى عالية، ساعتها سنكف عن هدر الميزانيات بلا طائل يذكر.
hissasaif@yahoo.com