مقالات عامة

هل تتغلب الشركات على الحكومات؟

شيماء المرزوقي

خلال القمة العالمية للحكومات التي عقدت مؤخراً في دبي، ألقى محمد بن عبدالله القرقاوي وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، كلمة مهمة جداً، تتعلق بالذكاء الاصطناعي، ولكنها تجاوزت الطرح السائد في هذا المجال مثل الحديث عن المخاوف أو السلبيات والتغيرات المهولة التي ستحدثها الروبوتات، لأن الذكاء الاصطناعي بات واقعاً يجب التعامل معه بكل جدية وأيضاً بنظرة عميقة نحو المستقبل.
في هذه الكلمة قال القرقاوي: «الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، سيضيف أكثر من 15 تريليون دولار للناتج الإجمالي العالمي، أي أكثر من 10 أضعاف مبيعات النفط عالميا، وإن نفط المستقبل هو البيانات وما يستثمر اليوم في الذكاء الاصطناعي عالميا يفوق ما يستثمر في التنقيب عن النفط».
وهذا يعني أن البشرية قاطبة تتوجه نحو حقبة مختلفة كلياً عما ألفته وعما سبق وعاشته، هذا الاختلاف حتى في شكل الاستثمارات وطبيعة الأعمال وما تؤديه، لكن وزير شؤون مجلس الوزراء والمستقبل، لم يترك لكلمته أن تكون بمثابة توقعات أو استشراف للمستقبل دون سند من الواقع، لذا استحضر، خلال هذه الكلمة الملهمة نماذج وشواهد ناجحة، مثل شركة جوجل الأمريكية وشركة بايدو الصينية، اللتين استثمرتا ما يصل إلى 30 مليار دولار خلال عام 2016 في الذكاء الاصطناعي، وهذا يعني أن ما سينتجه الذكاء الاصطناعي من معلومات وبيانات ستكون تحت أيدي شركات استثمارية وليست حكومات، وهو ما قد يجعل الشركات أقوى بكثير من الحكومات.
وأوضح القرقاوي أن شواهد مثل هذا ماثلة في واقعنا «فالشركات تعرف اليوم تفاصيل حياة الناس وعواطفهم وطرق تفكيرهم أكثر مما تعرفه الحكومات». والذي نصل له أن أي حكومة تضع عينها على المستقبل وتريد التفوق والتقدم على الآخرين ومسابقة الأمم، فإن عليها التفكير بعقلية مستقبلية وتستثمر في هذا المجال الحيوي المهم وهو مجال الذكاء الاصطناعي، أما الركون للطرق التقليدية في الاستثمار وانتظار العوائد فلم تعد مجدية أمام مجالات جديدة أكثر حيوية للبشرية، في هذه الكلمة الملهمة دق القرقاوي الناقوس مستشرفاً المستقبل، ولكن الجميل والمفرح لنا جميعاً، أن هذه الكلمة جاءت من أحد وزراء حكومة الإبداع والتميز التي يقودها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.

Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى