هل تندلع حرب بين أوكرانيا وروسيا؟
جيلبيرت دكتوروف*
يهدد مشروع قانون جديد أقره برلمان أوكرانيا وينتظر توقيع الرئيس بيترو بوروشينكو، حتى يسري مفعوله بتصعيد النزاع الأوكراني وتحوله إلى حرب شاملة بين معسكرين مُتخميْن بالأسلحة النووية؛ روسيا والولايات المتحدة ومعها حلف الأطلسي.
بينما كان اهتمام أمريكا والعالم يتركز على حصيلة أول سنة للرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض، بما في ذلك وعوده الانتخابية وإنجازاته، كانت روسيا تواجه مسألة عاجلة مختلفة؛ حرب محتملة مع أوكرانيا.
وخلال السنتين الماضيتين، كانت الاهتمامات الروسية الرئيسية هي الوضع في منطقة دونباس شرقي أوكرانيا (حيث يتواجه الجيش الأوكراني وقوات الانفصاليين المدعومين من روسيا)، والحملة العسكرية الروسية في سوريا، ثم الاستعدادات للانتخابات الرئاسية في 18 مارس/آذار.
غير أن الاهتمام أخذ يتركز أكثر فأكثر منذ الأسابيع الأخيرة من عام 2017، على تزايد المواجهات العسكرية بين قوات الانفصاليين المدعومين من روسيا، والقوات المسلحة والميليشيات الأوكرانية. ثم طرأ تطور جديد كلياً في 18 يناير/كانون الثاني، عندما أقر البرلمان الأوكراني مشروع قانون يمكن أن يُنهي فعلياً مشاركة أوكرانيا في عملية تسوية النزاع المعروفة باسم اتفاقيات مينسك؛ التي أقرتها قمة عقدت في مينسك عاصمة روسيا البيضاء، برعاية منظمة الأمن والتعاون بأوروبا، في 11 فبراير/شباط 2015، وضمت رؤساء روسيا، وأوكرانيا، وفرنسا وألمانيا، ونصت على آلية لوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سلمية.
وحسب المعلق الروسي البارز دميتري كيسيليوف، فإن مشروع القانون الأوكراني يهيّئ لحرب من خلال صياغته، فهو لم يتحدث عن عملية مكافحة إرهاب كالمعتاد في شرقي أوكرانيا، وإنما عن دفع قوات مسلحة أوكرانية «ضد تشكيلات عسكرية روسية».
وبالفعل، أنشأت الحكومة الأوكرانية مقر قيادة عسكري جديد، مهمته تنسيق العملية العسكرية المزمعة ضد شرقي أوكرانيا الانفصالي. كما أخذت الحكومة الأوكرانية تتحدث عن «إدارة الاحتلال» (الروسية)، بدلاً من «الأطراف المفاوضة» وفقاً لاتفاقيات مينسك، في حين أخذت حكومة كييف ووسائل الإعلام الأوكرانية تتحدث عن روسيا بصفتها «معتدياً».
ولاحظ كيسيليوف أن بدء حرب سيكون ملائماً لحكومة أوكرانيا؛ لأنه سيعطيها مبرراً لعدم دفع الديون الخارجية، ولاستمرار إحكام الرئيس بوروشينكو قبضته على السلطة.
وعلى الجبهة الاقتصادية، توقف الاتحاد الأوروبي عن تمديد اعتمادات مالية إلى أوكرانيا، بقيمة 600 مليون يورو، بسبب تفشي الفساد الحكومي في كييف. ومن جهته، رفض صندوق النقد الدولي مؤخراً، تقديم دفعة بقيمة 800 مليون دولار إلى حكومة أوكرانيا، بسبب إخفاقها في تطبيق إصلاحات. يضاف إلى ذلك أنه سيتعين على أوكرانيا، أن تبدأ في عام 2019 تسديد قروض سابقة. وتبلغ هذه الدفعات المستحقة 14 مليار دولار؛ أي ما يعادل نصف ميزانية أوكرانيا.
ونتيجة للظروف الاقتصادية المريعة، أصبح بوروشينكو ومسؤولون آخرون، مكروهين من الشعب؛ حيث إن نجاحهم في أي انتخابات قد تنظم مشكوك فيه، فهم يرون على ما يبدو أن تفجير حرب سيحقق لهم مكاسب سياسية.
أما بالنسبة لروسيا، فهي تنفر من أي حرب جديدة في أوكرانيا؛ لأنها ستكون باهظة التكاليف اقتصادياً. وروسيا يمكن أن تنتصر في مثل هذه الحرب، ولكن النصر سيكون باهظ الثمن.
*محلل سياسي مستقل وكاتب مقرّه في بروكسل
موقع: كونسورتيوم نيوز