قضايا ودراسات

هل من مغيث؟

إبراهيم الهاشمي

ما الذي أصابنا، كي نصبح أمة متناحرة؟
كل واحدٍ منا يطعن الآخر أو يتفرج عليه وهو يذوي ويموت. نتربص الألم ونسلم أوطاننا للغريب يقرر فيها مصائرنا، فيلعب بنا ويسلب أقوات أبنائنا ويسرق ثرواتنا، ويقدر لنا أي طريق نسلك وإلى أي مستقبل نمضي.
أي أمة نحن نسهم في نحر أنفسنا بأيدينا أو أيدي أعدائنا؟ لا نتعلم من التاريخ شيئاً، نعيد سيرة حروب الطوائف في الأندلس حتى فقدناها، بل نكرر أخطاءنا مراراً وتكراراً، نعرف الحق فلا نتبعه، نتبعهم حتى آخر جحر ضب بلا بصر ولا بصيرة.
أي ألم هذا الذي ينز في الخاصرة فيذهب العقل حتى تتوه البوصلة ويضيع درب البصرة؟ أما سمع أحد منكم عن البصرة ونخيلها وعن وجيب شاعرها السياب، عن طيبة أهلها وطعم القيمر مع دبسها عند كل غبوق؟
ألم تسمعوا بأنينها وصرخات الاستغاثة وطلب العون من القريب البعيد الذي أغمض عينيه وأصم أذنيه ونسي قول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً»، وتغافل عن مغزى ومعنى قوله: «المسلمون كرجل واحد، إن اشتكى عينُه اشتكى كلّه، وإن اشتكى رأسُه اشتكى كلّه» أو قوله: «ليس المؤمن بالذي يشبع، وجاره جائع»، كيف لجامعتنا العربية أن تتغافل وتصمت كصمت القبور حيال ما يحدث في البصرة حيث يموت السمك في بحره ويلهث أهله خلف قطرة ماء نظيفة فلا يجدون من ينصرهم وينجدهم وكأن بنا من العمى ما يجعلنا لا نراهم ولا نسمعهم.
أين مؤسسات الهلال الأحمر العربية، أين جمعياتنا الخيرية أين وأين؟.. أين قادتنا من كل هذا الألم الذي يلم بعضو من جسدنا العربي الجريح ورسولنا الكريم يقول: «لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا» فأي حب نمارس بعيداً عن أهلنا وأبناء جلدتنا.
أي زمنٍ نعيش، وأي عمى نمارس، كيف يمكننا أن ندعي أننا أخوة، ديننا واحد ومصيرنا واحد، ونحن نغض الطرف عن معاناة أهلنا في العراق، لا نسمع من أنينهم شيئاً حتى وصل الحال إلى ما وصل إليه، ألا ندرك أي خذلان نمارس في حق أمتنا؟
ويحنا من تاريخ لا يرحم، فمتى نستيقظ ونمارس الحب بحق أنفسنا في كل شبر من أرضنا العربية ولا نتركها لعبث العابثين ونطبق قول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
البصرة تستنجد فهل من مغيث؟

زر الذهاب إلى الأعلى