وداعاً لسلاح السلام
عبداللطيف الزبيدي
من فاجأه خبر نقل السفارة فلينسحب من حلقة الرأي تقليلاً من عديد المغيبين عن الحقائق. لم تأت الولايات المتحدة بجديد خرجت به عن عادات الغرب القديمة في انتهاك حرمات الشعوب والأمم، فمتى يقال عن الأمّة: «استيقظت أممٌ من رقدة العدم»؟
الهدوء، الهدوء، لا حاجة إلى الانفعال بلا طائل. خير من ذلك استخدام النكد كسلاح ضد التطبيع. من دون الشعوب يغدو التطبيع زغب ريشة في إعصار.المطلوب بسيط: على كل عربيّ أن يقيم في دماغه جمارك تمنع مرور التطبيع. الاستلهام من سياسة اللاعنف الغاندية ذو جدوى عالية. يمسي التطبيع مسألة بروتوكولات أنظمة وجودها كعدمها.على الإعلام أيضاً ألا يجعل القيم والقضايا سوق بيع وشراء.
يبقى الأهم: ما الذي يجعل مذاق الحياة علقماً في فم عدوك؟ أن تمتلك أسباب القوة والنمو، أن تكون لك تنمية شاملة قائمة على تعليم رفيع، وعلوم منتجة، وتقدم في البحث العلميّ، ودفاع حصين يحميها، واقتصاد أنت مالك ناصيته ومستثمر موارده في سبيل الارتقاء بطاقات شعبك. هو ذا النكد الأكبر للمخططات الجهنمية. قد يحتاج الأمر إلى وقت، إذا توافرت ظروف التخطيط المحكم.
لا شك في أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ليس جوهر المشكلة، بل ما يمكن أن يُبنى عليه في أوضاع لا يملك فيها العرب أوراقاً ذات بال.علينا طرح المخارج بدماغ بارد: التكافؤ العسكريّ ليس لمصلحة العرب حالياً، لأن«إسرائيل» وراءها فيل. السلام الظالم ليس حلاً لأنه تجاوز الحيف والجور والإذلال، ولهذا إذا تصورت الغاصبة أنها ستنعم باستسلام العرب فهي لا عقل لها كالعادة، فمن يحميها حمايته مؤقتة، لأنه يدفع العرب إلى اليقظة الكبرى، التي تقيم لها أيّ قوة عظمى أو متعاظمة وزناً.
ترامب استغل الشتات العربيّ لفرض الإهانة والاستهانة بالعرب والمسلمين والمسيحيين، والضعف مسؤولية عربية في المقام الأول، لكنه برهن على عدم ولائه للغاصبة، التي حدد لمئات الملايين الطريقة التي يجب أن ينظروا بها إليها وإلى حاميها، ما ينذرها بمستقبل مجهول معلوم المعالم. في ذاكرة القدس 250 عاماً، في عدوان غربيّ، وانزاحت الغمة. وصمة العار على جبين الغرب، التي تحمل بصمة بلفور، ستكون أقصر بكثير وكثير.هي ذي ورقة التوت سقطت. هو ذا ترامب يدق المسمار الأخير في نعش السلام.
لزوم ما يلزم: النتيجة النهائية: ترامب أعلن للعرب والمسلمين أنه قتل السلام وأن عليهم اللجوء إلى حل آخر للقدس والقضية.
abuzzabaed@gmail.com