مقالات عامة

ورطة المعارضة الكينية

فتح العليم الفكي

يبدو أن كينيا مقبلة على مرحلة جديدة وخطرة من مراحل الصراع على السلطة بعد الخطوة التي اتخذها زعيم المعارضة رايلا أودينيجا بتنصيب نفسه رئيساً شرعياً للبلاد في خطوة من شأنها أن تدفع البلاد نحو العنف والفوضى والاقتتال، وكأن القارة في حاجة إلى أزمة جديدة تضاف إلى أزماتها المتعددة التي يأخذ بعضها برقاب بعض.
إن عملية تنصيب رئيس في ظل وجود رئيس شرعي منتخب وحكومة مشكلة بطريقة قانونية، تعتبر بمثابة تحريض على الخروج على السلطة الشرعية القائمة وإعلان الحرب عليها، وفي الجانب الآخر يفهم أنها عملية انتحار سياسي للمعارضة.
وعلى الرغم من أن حكومة أوهورو كينياتا تعاملت مع تنصيب أودينيجا بحكمة وعقلانية حيث راقبت إجراءات التنصيب ولم تتدخل قواتها لفضه أو الاصطدام بالحشود، ولكنها قامت بقطع الإرسال عن ثلاث قنوات تلفزة متواطئة مع المعارضة لنقل المراسم على الهواء مباشرة، وأمر وزير الداخلية فريد ماتيانغي بفتح تحقيق مع قنوات «سيتزن تي في»، و«كي تي إن نيوز» و«إن تي في».
لاحقاً أعلنت الحكومة أن حركة «المقاومة الوطنية» المعارضة جماعة محظورة، واتهمت أودينيجا بالخيانة العظمى التي عقوبتها الإعدام، وبدأت في حملة ملاحقة لمناصريه واعتقلت اثنين من كبار المقربين منه، وبالطبع لن تقف سلسلة إجراءاتها عند هذا الحد بل يتوقع أن تصعّد من حملة اعتقالاتها ضد المعارضة، لتشمل أودينيجا نفسه.
ومهما يكن من أمر، فإن حسابات المعارضة في تنصيب زعيمها يوم الثلاثاء الأسبق رئيساً للبلاد جانبها التوفيق وإن خسائرها جراء هذا التنصيب تفوق مكاسبها بكثير، بل بالعكس سيكون هذا التنصيب وبالاً عليها، فبعد أن كانت تعمل في الضوء لن تستطيع بعد الآن العمل بعد حظر أنشطتها، ومطاردة كوادرها أمنياً.
ويبدو أن المعارضة الكينية لم تأخذ العظة والعبرة من أحداث العنف التي شهدتها البلاد في عام 2007 عندما خسر أودينيجا الانتخابات أمام منافسه آنذاك مواي كيباكي وشكك في نتيجة الانتخابات فسقط 1500قتيل كيني، وأجبر حوالي نصف مليون كيني للنزوح من مناطقهم.
والآن يحمل هذا التنصيب في طياته نذر صراع عرقي بين أكبر قوميتين في البلاد الكيكويو واللو.
مجمل القول، إن أودينيجا الذي قاطع جولة إعادة الانتخابات الرئاسية التي جرت في 26 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بحجة عدم إجراء إصلاحات على اللجنة الانتخابية، بدد حكماً تاريخياً أصدرته المحكمة العليا في كينيا لصالحه بإلغاء فوز كينياتا في جولة الانتخاب التي جرت في أغسطس/ آب الماضي، ولم يستثمر ذلك الحكم الذي هللت له شعوب القارة واعتبرته تأكيداً لتوقها للديمقراطية، وها هو أودينيجا الآن يضع الديمقراطية الكينية في مأزق.

alzahraapress@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى