وظيفتك عندما تختفي

شيماء المرزوقي
منذ بداية الثورة الصناعية ومشاهدة الماكينة وهي تقوم ببعض المهام والأعمال نيابة عن اليد البشرية، وهناك آراء وبحوث ودراسات تتنبأ بما سيكون عليه الحال خلال الأعوام القادمة. وكما يظهر، فإن اليد العاملة والوظائف تتقلّص، بمعنى أن المهن التي يؤديها الإنسان ومعروفة تاريخياً تتضاءل ولا تتوسع أو لا تكثر رغم أن الأعمال تتزايد والأرباح تنمو. في هذا العصر تحديداً نرى الصور بشكل أوضح ولا غبار يعتريها، حيث نشهد حقبة الروبوت والذكاء الاصطناعي، التي بدأت فعلاً في أخذ زمام المبادرة والدخول لاحتلال وظائف تقليدية كان يؤديها الإنسان منذ عقود ماضية، ولكن المذهل بحق أن المهام التي يؤديها الروبوت تتم بكل مهارة وتقل بل تنعدم فيها الأخطاء البشرية المعهودة. وهذا يعني استمرار الإنتاج بوتيرة أعلى وأكثر دقة ومهارة، ويتم تحقيق المزيد من المكاسب في اللحظة التي تم الزج بالملايين في الشوارع دون أعمال. أعتقد أن اليد العاملة البشرية هي العنصر الأضعف في عملية الإنتاج في هذا العصر، فعندما تتعثر إحدى الشركات لا تسأل عن قوة منتجها وسبب عدم تحقيقه النجاح في السوق، وإنما يعود صانع القرار إلى تقليص الوظائف وطرد العاملين من أعمالهم، بحجة مرور الشركة بتدنٍ في الأرباح أو تكبدها خسائر في أسواق لم يكتب لها النجاح فيها، وهذا يؤشر إلى أن الضغط على الوظائف كبير جداً ومستمر. وأبلغ صورة قد تعبر عن مثل هذا الضغط هي رؤيتك لمن هو مؤهل علمياً وعملياً ولا يجد الوظيفة المناسبة لمؤهلاته وخبراته، وهناك من تجده يمارس عملاً أبعد ما يكون عن مجال دراسته، وهناك من يعمل في وظيفة لا يحبها وإنما هي مصدر للقوت والرزق.. مثل هذه الحالة لا توجد في مجتمع أعمال دون الآخر، بل إن الوظائف والموارد البشرية بصفة عامة لها طابع مشترك واحد، لذا قد تجد جميع المجتمعات دون استثناء تعاني، ولدى الموظفين دوماً مخاوفهم من الاستغناء عنهم. صحيح أن هناك تزايداً في الضبابية والقتامة في المجتمعات الأقل دخلاً والأقل مهارة والأقل تطوراً، التي تنخفض فيها نسب النمو وتعاني تعثرات تنموية مختلفة، ومع هذا تبقى الوظيفة، كما كانت دوماً، مصدراً للرزق لعدة مليارات من الناس في مختلف دول العالم، ورغم هذا نشهد تهديداً خطيراً لهذا المورد.
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com