«يوناميد» تغادر دارفور
فيصل عابدون
أطلقت قوة حفظ السلام الإفريقية الدولية المشتركة المعروفة باسم «يوناميد» مرحلتها الثانية من تقليص وجودها العسكري في إقليم دارفور إلى 8735 فرداً والشرطي إلى 2500 فرد والتي تنتهي بحلول يونيو المقبل، حيث تنتقل القوات المتبقية بعدها إلى القاعدة الجديدة التي يتم تشييدها بمنطقة جبل مرة لتصبح المحور الرئيس لمهام حفظ السلام بسبب استمرار العنف وموجات النزوح، بينما تباشر وحدات صغيرة من القوة مهامها بتفويض مختلف تحت مسمى «بناء السلام» وتتلخص في تسهيل وصول مواد الإغاثة ومعالجة حالات الطوارئ واحتياجات الحماية والتدمير الآمن للمتفجرات والألغام التي خلفتها الحرب.
وتقول قيادة البعثة والحكومة السودانية إن الاتفاق على تقليص القوة المشتركة وصولاً إلى انسحابها الكامل من الإقليم المترامي الأطراف جاء بسبب تراجع العنف والاشتباكات المسلحة بين القوات الحكومية والمتمردين في غالبية المناطق باستثناء منطقة جبل مرة التي أنشأت فيها بعثة الأمم المتحدة مقراً دائماً تحفظ بموجبه القوة المنتشرة في المنطقة على تفويضها الأساس كقوات عسكرية لحفظ السلام وحماية المدنيين من الاعتداءات ومراقبة التحركات العسكرية للأطراف المختلفة.
وما يجب الإشارة إليه هنا هو أن البعثة المشتركة والحكومة السودانية بررت انسحاب القوة العسكرية من غالبية مناطق انتشارها في الإقليم بزعم تراجع وتيرة العنف وعودة الهدوء إلى تلك المناطق، وهو زعم لا يصمد أمام النقاش ويجب البحث عن أسبابه الحقيقية في مكان آخر.
فالهدوء الحالي لا يعني انتهاء الحرب طالما لم تتوصل الأطراف لاتفاق سلام. صحيح أن الحكومة وقعت اتفاقات جزئية مع بعض الفصائل الهامشية لكن الحركات الرئيسية الثلاث التي تقود القتال لا تزال في الضفة الأخرى ولم تجد بعد الصيغة المقبولة لإلقاء السلاح. كما أن البعثة الدولية نفسها طالما رفضت مناقشة مبدأ الانسحاب من دون توقيع الأطراف المتصارعة على اتفاق سياسي.
وقال رئيس بعثة «اليوناميد» جيريمايا مامابولو في حوار نشره (معهد الدراسات الأمنية الإفريقي)، إن «التخفيضات التي لحقت بأعداد جنود البعثة بنسبة 44% وبأعداد أفراد شرطتها بنسبة 30% قامت بناء على افتراض أن ثمة سلاماً واستقراراً نسبيين، ولكنهما غير ناتجين عن توقيع أي اتفاق لوقف إطلاق النار أو لوقف العمليات العدائية».
نعم هذا الاتفاق لم يوقع حتى الآن ولا يبدو حتى قريب المنال، ومع ذلك فقد وافقت البعثة الدولية على برنامج زمني لسحب قواتها من المنطقة. فهل يعود السبب في قرار الانسحاب إلى مشكلة التمويل التي باتت تشكل عقبة أمام نشر المزيد من وحدات حفظ السلام بمناطق النزاعات في العالم أو حتى المحافظة على القوات الموجودة أصلاً تحت مظلة الأمم المتحدة وتمويلها؟ وكيف ستلائم المنظمة الدولية مواقفها في حال تجدد العنف في دارفور أو في أي منطقة أخرى من مناطق النزاع في العالم؟
Shiraz982003@yahoo.com