قضايا ودراسات

47 منارة

عبدالله السويجي

لا تقاس السنوات بالعدد، وإنما بالخبرة النوعية والإنجاز والعبر والتجارب والدروس المستقاة ورسوخ الفكرة وتعزيز السلوك واستدامة التنمية. ودولة الإمارات العربية المتحدة وهي تكمل 47 عاماً من وحدتها وتماسكها وتآزرها، إنما تكمل 47 تجربة تتمم كل واحدة الأخرى لتتحول إلى سلسلة متصلة بمواثيق الحب والإخلاص والعمل الدؤوب.
فدولة الإمارات في سنتها الأولى في العام 1972 هي غيرها في السنة الثانية وغيرها في السنوات الأخرى، وبلا شك فإنها غيرها في العام 2018، الذي حمل اسم زايد. ويكفي هذا العام أن يُسمى بهذا الاسم ليتوج 47 عاماً من النضوج المتلاحق وتراكم الإنجاز النوعي وتحقيق الأحلام والطموحات، والوعد والاستعداد لتحقيق أخرى على درب توفير العيش الكريم والآمن للمواطنين وأبنائهم وأجيالهم الصاعدة.
لقد كانت الأعوام ال47 منارات مرصوفة على طريق طويل أدى إلى السعادة، وكان كل عام منارة للعام الذي يليه، يستهدي به ويستخلص دروسه ويدرس تحدياته ويعمل على تجاوزها. والسعادة كانت تتويجاً لترجمة مجموعة من المعايير على أرض الواقع، فالإمارات اليوم تتمتع بأحدث شبكة طرق وبنية تحتية، كما تتمتع بعلاقة فريدة بين الحاكم والمحكوم، والإمارات اليوم واحة يعيش في ظلالها عشرات الجنسيات بثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم ولغاتهم، الإمارات اليوم نموذج للتعايش السلمي بين بني البشر كافة، اجتمع فيها أناس من القارات جميعها، فتحولت إلى لوحة موزاييك إبداعية لا ينافسها أحد في روعتها وانسجامها، فتولدت ثقافة عالمية مميزة، تتجلى أكثر ما تتجلى في معارض الكتب، حيث تحضر الجنسيات جميعها وتجد كل جنسية مبتغاها من آداب وفنون وثقافات وعلوم، ولا أجمل من أن يجد المرء أمامه علم بلاده ولغتها وآدابها.
الإمارات بسياستها الحكيمة نالت إعجاب وإجماع الجميع، وبالخير الذي تقدمه حظيت بسمعتها الطيبة بين مئات الملايين من البشر، وبمشاركتها في البرامج الإنسانية والعلاجية التي أنقذت ملايين الأرواح ووفرت لهم سبل الحياة الصحية والعيش الكريم، فمشاريعها خير من يتحدث عنها عربياً وإقليمياً وعالمياً، وهي مستمرة على نهج المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي زرع محبته بين أهله وأبناء شعبه وشعوب أخرى عربية وغير عربية، فكان خير القائد وخير النموذج.
لقد عاشت الإمارات في منطقة ملتهبة سياسياً وعسكرياً، وحافظت على أمنها وسياستها في كل الأزمات، مادة يد العون للحليف والقريب، مدافعة عن الحق والشرعية، كما فعلت وتفعل مع القضية الفلسطينية، ولا تمنن أحدا في ذلك لأنها تمارس واجبها الإقليمي والعربي والإنساني، وكما فعلت وتفعل أيضا في اليمن الشقيق، وضحت بشباب في عمر الورد في سبيل أمنها القومي وسيادتها واستقرارها، ودفعت الغالي والنفيس ليبقى اليمن بوجهه العربي الأصيل، وتشهد الحروب التي خاضها العرب ضد الكيان الصهيوني دور الإمارات ومؤازرتها لشقيقاتها، وبالتالي كانت فاعلة في جميع الميادين.
حين يتحدثون عن الإمارات فإنهم يذكرونها كأنجح تجربة وحدوية في التاريخ العربي، وهو أمر حقيقي وصائب، وهذا النجاح كان بفضل التفاني في العمل الوطني، وإيمان قيادة وشعب الإمارات بفكرة الوحدة كسبيل وحيد لتحقيق العزة والكرامة ونفض الجهل واكتساب العلم وباقي الخدمات الضرورية لمجتمع شاب، هذه الوحدة ما كانت لتستمر لولا الانسجام بن قيادات الإمارات وحكمة المؤسس التي يُستشهد بها، ناهيك عن الإيمان بالمصير الواحد. ونجد هذا متجسداً في كل يوم وطني، الفرحة تعم البلاد وترتسم على الوجوه، مخضرمين وشباباً وأطفالاً، وهذا يعني نجاح التجربة بامتياز. فالكل يتسابق لخدمة المشروع، وتقديم أفكار ومقترحات مبتكرة لاستدامته والانطلاق به نحو آفاق أرحب وأجمل.
يحق لنا الاحتفال باتحادنا ووحدتنا، ويحق لنا التفاخر به والثبات عليه، ويحق لنا تقديمه كنموذج للشعوب الطامحة للبناء والتنمية، وهناك دول كثيرة ترسل ممثليها لدراسة تجربتنا لنصاعتها ونجاحها…وكل عام وإماراتنا بخير وعز وشموخ.

suwaiji@emirates.net.ae

زر الذهاب إلى الأعلى