تداعيات التجديد النصفي للكونجرس
د. فايز رشيد
فوز الديمقراطيين برئاسة مجلس النواب الأمريكي كان متوقعاً، نتائج الانتخابات هي استفتاء على أداء الرئیس الأمريكي دونالد ترامب التي أعطت مؤشراً لدى الأمريكیین عن مدى رضاهم عن سلوكه الرئاسي وإدارته للولايات المتحدة، ما يعدّ ضربة قوية لنوایا ومشاريع هذه الإدارة وعموم الیمین الأمريكي المتطرف. فالانتخابات جاءت في ظل انتقادات حادة لترامب خلال العامين الماضیین. لكن انتصار الديمقراطيين هذه المرة، وهو الأول منذ ثماني سنوات هو بالنسبة للشارع الأمريكي بمثابة الاستفتاء المبكر على أداء الرئيس وإدارته لشؤون الدولة الداخلية والخارجية. وبذلك يمكن القول إن الانتخابات أسفرت عن نتائج متباينة للكونجرس بشقّیه النواب والشيوخ مع سيطرة الحزب الدیمقراطي على مجلس النواب، في حين كانت الأفضلية للحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ، وهذا بحدّ ذاته یمثّل انقساماً في الأولويات السیاسیة والاقتصادية والاجتماعية لدى الشعب الأمريكي، وصداماً مبكراً بين الحزبين قبيل الانتخابات الرئاسية في العام 2020. كما أن ذلك يمثّل صداماً بين مجلسي الكونجرس. وهو ما أدّى إلى تباين ردود فعل الدول والجماعات والأفراد على الصعيد العالمي. فالكثير من دول العالم عاشت لحظات من التفاؤل وأخرى من التشاؤم.
بالتأكيد، ستكون لنتائج الانتخابات تداعياتها على السياسة الخارجية للرئيس الذي لم يعد يحظى بتفويض المجلسين كما في السابق! والذي سيجد صعوبة نتيجة الضغط السياسي من الديمقراطيين في المرحلة القادمة في تنفيذ معظم سياساته العالمية والشرق أوسطية، بالنسبة لإيران وكوریا الشمالية وروسيا والصين، وبخاصة في ظل إمكانية قيام الكونجرس بإجراءات من أجل إقالة الرئيس أو إعلان عدم أھلیته، كما تطالب بذلك أوساط سياسية واقتصادية ومؤسسات مجتمع مدني أمريكية، آخرها هجوم مجلة «المحافظ الأمريكي» التي دانت تصريحات ترامب، التي اتهم فيها إدارة سلفه باراك أوباما ب «خسارة القرم» التي استقلّت عن أوكرانيا وعادت لقوام روسيا الاتحادية.
قالت المجلة، إن هذه التصريحات تدل على جهل ترامب ووجود غرائز عدوانية لديه وتبدو غاية في الحماقة. ومن المعروف أن دونالد ترامب يعلن بشكل دوري أن سلفه أوباما سمح بفقدان القرم، ويشدد على أن «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يكن يحترم الرئيس أوباما». وقد يلجأ الدیمقراطیون إلى فتح ملف التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسیة للعام 2016 ما سیزید من نفوذ المحقق الخاص في تلك القضية، وهذا سيشكل عقبة في علاقة ترامب مع الكرملین فیما بعد، بل وعقبة في طريق تحسين العلاقات بين واشنطن وموسكو.
بالطبع، ليس من السهل على الديمقراطيين عزل الرئيس ترامب بسبب الإنجازات الاقتصادية التي حققها خلال عامين من رئاسته، وخلق فرصاً وظيفية لملایین الأمريكیین.
على صعيد الصراع العربي – «الإسرائيلي»، نقلت المواقع «الإسرائيلية» عن صحيفة «جيروزاليم بوست»، القول إن «الإدارة الأمريكية تضع اللمسات النهائية على خطة «صفقة القرن» التي ستكون جاهزة للإعلان في شهري كانون الأول/ ديسمبر أو كانون الثاني /يناير المقبلين». وقالت: «إن الإدارة الأمريكية لا تزل تحيط بسرية تامة وكتمان كامل تفاصيل «صفقة القرن»، لتنتشر الأنباء المتضاربة حول هذه التفاصيل من حين لآخر»، وربطت الصحيفة بين ما يسمى ب «خطة السلام» وبين انتخابات «الكنيست» «الإسرائيلي» التي ستجري العام المقبل، في ظل أنباء عن تبكير موعد هذه الانتخابات جراء تداعيات الاعتداء الأخير على قطاع غزة، فيما أشارت «جيروزاليم بوست» إلى أنه «لا أحد في الائتلاف الحكومي لبنيامين نتنياهو يعتقد أن الانتخابات ستجرى في موعدها المقرر في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل». وقالت الصحيفة: إن الإدارة الأمريكية ترجّح أن يؤدي الإعلان عن انتخابات «إسرائيلية» مبكرة إلى تأجيل طرح «صفقة القرن»، إذ «لا داعي للإعلان عن خطة سلام من دون وجود حكومة «إسرائيلية» تتبناها» بحسبها. وبينما ترجّح استطلاعات الرأي بأن يفوز نتنياهو في الانتخابات المقبلة، فإن الإدارة الأمريكية تتذكر «التفاتته الحادة» نحو اليمين المتطرف خلال حملته الانتخابية في العام 2015، مع إعلانه خلالها أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية أبداً خلال حكمه. جملة القول، إن نتائج انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة لن تؤثر لا من قريب أو بعيد في طرح الرئيس ترامب لخطته التسووية والتصفوية للقضية الفلسطينية.
Fayez_Rashid@hotmail.com