«محمد» أوّل الأوائل
عبدالله محمد السبب
بسم الله الرحمن الرحيم: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفِيل (1) ألم يجعل كيدهم في تضليل (2) وأرسل عليهم طيراً أبابيل (3) ترميهم بحجارة من سجيل (4) فجعلهم كعصف مأكول (5)): صدق اللهُ العظيم.
في يوم (الاثنين 12 ربيع الأول 53 ق.هـ – 20 إبريل/ نيسان 570م)، عام الفيل «الأبرهي»، وعام «أبابيل الله»، و«الحجارة السجيل».. حيث مكة المكرمة، قرب الصفا، وحيث دار أبي طالب.. عم الأرض ضِياءٌ ما بعده ضياء، ونور ما قبله نور.. ساطع من وجه ذلك الطفل القرشي الذي وُلد في يوم عربي كان له بالغ الأثر في مسيرة الأرض والدنيا، وفي تغيير مجرى التاريخ البشري: (محمد بن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة).. ذلك الطفل الذي تخيره الله سبحانه وتعالى من بين خلقه أجمعين ليكون أخيرهم، وسيد ولد آدم «عليه السلام»، وليكون خامس أولي العزم من الرسل، والخامس والعشرين من الأنبياء والرسل ممن جاء ذكره بالقرآن الكريم، وليكون خاتم الأنبياء الـ«120000».
وفي مناسبة محمدية كهذه، يجدر بنا تقليب أوراق التاريخ، ليستقر بنا المقام في رحاب صفحات كتاب «المئة الأوائل» بحسب ما استقر عليه المترجمان «خالد أسعد عيسى» و «أحمد غسان سبانو» من تسمية الكتاب بناءً على ما اقترحه الكاتب «أحمد بهاء الدين»، فيما أصل تسميته (The 100: A Ranking of the Most Influential Persons in History)، الصادر بطبعته السادسة سنة 1407 هـ – 1987م، لمؤلفه الفيزيائي الفلكي اليهودي الأمريكي «الدكتور مايكل هارت: 28 إبريل 1932م»، الذي وصف نفسه بأنه «انفصالي عرقي مناصر للبيض»، والذي اقترح عام 1996 تقسيم الولايات المتحدة إلى أربع دويلات: دويلة للبيض ودويلة للسود ودويلة للهسبان السمر ودويلة للأعراق المختلطة.
هكذا يصف د. مايكل نفسه، إلاّ أن سلوكه العنصري هذا، لم يمنعه من أن يضع الرسول «صلى الله عليه وسلم» على قائمة المئة الأوائل الذي شملهم كتابه الصادر بنسخته الأولى عام 1978.. يقول المؤلف: (إن اختياري لمحمد «صلى الله عليه وسلم» ليكون في رأس القائمة التي تضم الأشخاص الذين كان لهم أعظم تأثير عالمي في مختلف المجالات، ربما أدهش كثيراً من القراء، إلى حد أنه قد يثير بعض التساؤلات، ولكن في اعتقادي أن محمداً «صلى الله عليه وسلم»، كان الرجل الوحيد في التاريخ الذي نجح بشكل أسمى وأبرز في كلا المستويين الديني والدنيوي.
لقد نشر محمد «صلى الله عليه وسلم» أحد أعظم الأديان في العالم، وأصبح أحد الزعماء العالميين السياسيين العظام. ففي هذه الأيام وبعد مرور ثلاثة عشر قرناً تقريباً على وفاته، فإنه لا يزال قوياً وعارماً.
إذن، إن شهادة كهذه، من رجل كهذا، في عصر كهذا، إنما تؤكد أن النبي محمد «صلى الله عليه وسلم»، هو أول الأوائل بلا منازع، في مختلف الحقول والجوانب والمجالات، وعلى مر الأزمنة والأمكنة، منذ ساعة ولادته، وحتى قيام الساعة.
A_assabab@hotmail.com