المتفوقون أيضاً يبحثون عن وظائف
حصة سيف
في دولتنا الحبيبة ما زال بعض الخريجين يعاني في البحث عن وظيفة تناسب مؤهله، على الأقل في السنوات الأولى بعد التخرج، وتمر السنة تلو السنة، وهم ينتظرون الفرج، الذي اعتقدوا أنه سيكون عبر «شهاداتهم» التي ستخولهم للعمل، وخاصة الخريجين المتفوقين، فعدم إيجاد فرص وظيفية تتناسب مع مؤهلاتهم، تجعلهم محبطين، رغم حصولهم على شهاداتهم العلمية، والتعب المضني الذي بذلوه للحصول عليها مع مرتبة الشرف الأولى.
هنا المسؤولية مشتركة من جانب الجامعات، وكذلك سوق العمل والجهات الحكومية المختصة بتوظيف المواطنين، وخاصة من أصحاب التخصصات العلمية المهنية كالأطباء والمهندسين، هؤلاء لا تنفعهم الوظائف المكتبية، ولا الإدارية، تعرض عليهم الجهات المختصة بالتوظيف تلك الوظائف الشاغرة، دون أي اعتبار للتخصص، وتقترح في كثير من الأحيان أن يتخلى المتقدم للوظيفة عن شهادته، ويعمل بشهادة الثانوية التي تتوفر فيها الوظائف بكثرة، ويحمل مؤهلاتها الجامعي المتقدم للوظيفة، خاصة خبرته باستخدام التكنولوجيا الحديثة واكتسابه اللغة التي يفتقدها من يحمل الشهادة الثانوية.
ما المانع أن أتيح لهم المجال في تخصصاتهم ولو تطوعاً، أو براتب مقطوع، تحت إشراف الجامعة بالتعاون مع الجهات المختصة؟
ما المانع لو وجدوا يداً تمتد إليهم لتساعدهم وترشدهم؟
نعول هنا في تطبيق ذلك على إدارات «شؤون الخريجين»، في أن تحرك مسماها، وتحرك خريجيها بالتنسيق مع وزارة الموارد البشرية والتوطين والجهات المختصة، وتبادر بإنقاذ تلك الطاقات المهدرة، فليس أقسى من شعور خريج مجتهد يتمتع بفورة الشباب وعزه، ولا يجد المكان الذي يصلح لتفريغ طاقته، وتطبيق المهارات النظرية التي اكتسبها.
لا نريد توطيناً شكليّاً، بل نريد أن تتاح الفرصة لشبابنا، على الأقل نبدأ بالمتفوقين منهم؛ كي نحافظ على تلك الفئة، وتفتح لهم الأبواب طوعاً في المجالات التي تخصصوا فيها، نريد لهم أن يمدوا أيديهم ويشاركوا في صنع ذواتهم، من خلال تلك الفرص التي تقدم لهم، لا أن يتركوا وحدهم يركضون خلف الجهات عبثاً، بلا رد مقنع غير: (لا توجد شواغر)، أو (قدِّمْ إلكترونيّاً وسنبحث طلبك)، فتلك الردود لم تعد تنفع، لا بد أن تمد له يد المساعدة ولو بتوجيهه إلى المكان المناسب؛ إذ إننا نريد جهات بيدها مفاتيح الخير، مغاليق للشر، لصالح خريجينا الذين لم تقصر دولتنا في تدريسهم وتأهيلهم بأرقى الجامعات.
hissasaif@daralkhaleej.ae