قضايا ودراسات

أيّام الطفل العربي

يوسف أبو لوز

كعربي، ماذا يمكن أن تكتب حول اليوم العالمي للطفل، الذي صادف أمس الأول 20/ 11 / 2018؟ أولاً، ومن ناحية تاريخية، تأخّر كيان دولي معروف مثل الجمعية العامّة للأمم المتحدة في اعتماد اتفاقيات بين الدول تحفظ كرامة الطفل وحقوقه، وتنأى به عن الصراعات السياسية والحروب.. وعلى سبيل المثال انتهت الحرب العالمية الثانية في العام 1945، ولكن اعتماد اليوم العالمي للطفل تأخّر بعد ويلات الحرب وضحاياها وبينهم أطفال أكثر من عقد من الزمن، أما اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامّة للأمم المتحدة، فقد تأخرت أكثر من ذلك بكثير، فقد اعتمدت هذه الاتفاقية في العام 1989.
هذه الاتفاقيات، سواء أكانت منذ أوائل القرن العشرين أو قبل ذلك، أو بعد ذلك لم تحل دون تاريخ من الرماد والدموع مكتوب بدماء الأطفال، والأغلبية العظمى منهم أطفال الشرق بشكل عام، وإلى جوارهم الأطفال العرب.
لكي أقرّب الصورة التراجيدية للطفل العربي، علمياً، ومعلوماتياً، سأعتمد على تقرير لـ «بي.بي.سي» قائم على ما قالته الصحافة العربية بخصوص الطفل العربي، أما أطفال العالم الغربي، فهم ليسوا في حاجة إلى اتفاقيات دولية من نوع «حماية حقوق الطفل»، فهذه الحقوق مكفولة منذ الجنين في رحم أمّه، وحتى نهاية مرحلة الطفولة بمعناها القانوني والاجتماعي والأخلاقي، ثم، لا مقارنة هنا مطلقاً بين طفل عربي، وطفل أوروبي أو أمريكي أو غربي، ويحكم كل ذلك، بالطبع، الثقافة والتربية والحياة المنزلية، والمدرسة، وغير ذلك من بيئات لا يمكن أن تكون متشابهة بين الشرق والغرب.
لنعد، إذاً إلى صحفنا العربية وبتكثيف معلوماتي نشير إلى الظواهر التالية، التي لا ترصدها الصحافة فقط، بل، وترصدها أيضاً عين الإنسان العربي في بلاده وفي بلدان وطنه العربي الكبير.
الظواهر ومن دون الإشارة إلى أسماء بلدان عربية بعينها هي: ظاهرة أطفال الشوارع، ونضيف من عندنا إلى ذلك، ظاهرة أطفال التسوّل، وعلى رصيف إحدى المدن العربية رأيت امرأة جالسة على الطريقة تحتضن طفلاً مريضاً تحت وطأة الحرّ والغبار وهي تتسول، وهناك أيضاً أطفال بلا مأوى، ونضيف من عندنا أيضاً أطفال الغرق في البحار بحثاً عن الفردوس الأوروبي، وأطفال الغرق في السيول، والغرق في الفقر والجوع، وسوء التغذية، والمرضى، لا بل هناك آلاف الأطفال العرب أصيبوا بالجنون، والبعض منهم هائمون على وجوههم، وأسوأ من ذلك هناك عصابات تتاجر بهم إلى درجة أن صار لهم سوق سوداء.
هناك أطفال عرب يعملون في البناء وورشات ميكانيكا السيارات والمخابز تحت العاشرة من أعمارهم، وارتفعت عمالة الأطفال في إحدى البلدان العربية إلى 70 ألفاً، و45 ألفاً من الأطفال يشتغلون في أعمال خطرة.
الأطفال العرب لا يحتاجون إلى يوم عالمي واحد لنذكّر بحياتهم المرعبة الموحشة، بل يحتاجون إلى كل الأيام.
yabolouz@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى