قضايا ودراسات

20 مليوناً؟!

إبراهيم الهاشمي

خبر صادم نشرته الصحف في الأسبوع المنصرم، فحواه إدانة محكمة جنايات أبوظبي لموظفة خليجية استولت على 20 مليون درهم من جهة عملها، والصادم في الخبر أن جهة العمل تلك هي أحد البنوك في الدولة، حيث إننا تعودنا أن لا تضيع شاردة أو واردة عن إدارات تلك البنوك وأسلوب عملها ، فكيف يتم اختلاس 20 مليون درهم عبر 70 عملية تحويلية خلال 6 أشهر فقط، مع العلم أن هناك عمليات موازنة وتدقيق تجريها البنوك يومياً تحسب مشتقات الفلس من الدرهم، ولا تتوانى عن إضافة أي رسوم أو جزاءات على عملائها، مثل الرسوم الشهرية التي تفرضها على أصحاب الرخص منتهية الصلاحية أو غير المجددة، أو رسم إدارة الحساب الذي لا نعرف مغزاه أو الهدف منه.
فكيف مرت 20 مليوناً و500 ألف درهم عداً ونقداً دون أن ترصدها عيون خبراء المالية والحسابات والتدقيق في البنك، خصوصاً وأن المدانة بدأت السحب في شهر أكتوبر حتى شهر مارس مما يعني أن عمليات التدقيق التي تجريها أية مؤسسة وليس البنك فقط تتم في الشهور الأخيرة للسنة فكيف لم ينتبه أحد إلى تلك المبالغ رغم ضخامتها وتكرارها، وليس في مكان عادي بل في بنك يدقق ويغلق حساباته يومياً.
بعض البنوك تستقوي على عملائها وتفرض عليهم رسوماً بلا مرجعية حقيقة إلا مرجعية وقوانين البنوك فقط، وما ذكرته مجرد قضية خرجت إلى السطح، ولولا أن الصحف نشرت الخبر في صفحة «حوادث وقضايا» لما علم بها أحد، ولما عرفنا مدى ضعف الرقابة الداخلية في البنوك، مع اليقين التام بأن ما خفي كان أعظم مما نشر، وأن هناك الكثير من القضايا يتم التعتيم عليها فلا ينشر عنها شيء.
كان يضرب المثل بأن البنوك مثل دكان «القراشي» الذي يربط القلم بحبل بقربه يدون به كل شاردة وواردة عن معاملات البيع والشراء في الدكان وبدقة تامة وصرامة شديدة حتى صار قلمه المربوط مثلاً صارخاً على الحرص، لكن يبدو أن قلم بعض البنوك فالت وغير مربوط ولا يستقوي إلا على عملائه البسطاء وليس الهوامير، فيقف عند الفلس ويبتلع الملايين.

زر الذهاب إلى الأعلى