قبلة الأحرار
علي قباجه
لا تزال فلسطين بوصلة الأحرار. ورغم محاولات شتى لمحوها من ذاكرة الأجيال، والقضاء عليها وإخراجها من دائرة الحساب الرئيسية بحيث تكون على الهامش إلا أنها ظلت راسخة رسوخ الجبال، وكانت وستبقى القضية المركزية، التي تتصدر القضايا وسيظل العالم الحر من أقصاه إلى أقصاه ينبض بالدعوة للتضامن معها، ويدعو لفك الأغلال عن شعبها وهو ما ترجمه كل حر يعشق الكرامة ويأنف الظلم في يوم التضامن معها الذي يصادف التاسع والعشرين من نوفمبر من كل عام، وفيه يصرخ بوجه المحتل أن كفى فلا بد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر.
كما أن هذا اليوم يعد مؤشراً على أهمية القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي والمؤسساتي والشعبي، ففلسطين أصبحت تمثل رمزاً لكل ثائر على الظلم، وأضحت أيقونة للثائرين من شعوب الأرض، فلا عجب أن نرى متظاهرين في دول أوروبية يرتدون الكوفية الفلسطينية للاحتجاج على ضرائب فرضت في بلادهم، أو أي قضية تخصهم على المستوى المحلي، فالنضال الفلسطيني أمسى يحتذى من أصحاب القضايا الأخرى، وهذا بالتأكيد يعد نجاحاً كبيراً لفلسطين وقضيتها، ويظهر متابعة الشعوب لها، وتعاطفهم معها ضد الظلم الذي أحاق بها.
ولكن كما أن للحق مناصريه، فإن أيضاً ثمة للباطل من يؤيده ويشد عضده، كالولايات المتحدة، التي ألقت بكل ثقلها لتهويد القدس، وتدمير الفلسطينيين، وتسخيف قضاياهم المحقة، كقضيتي اللاجئين وحق العودة، وعملت على تشجيع الاستيطان، ولا يتوقف الأمر على القرارات السياسية المجحفة؛ بل إن هناك جوقة إعلامية تتبع هذه القوى لبث رأي عام مشوه تجاه القضية الفلسطينية.
ومؤخراً، بادرت شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية، إلى فصل مراسلها مارك لامونت هيل وذلك عقب دعوته، في الأمم المتحدة، إلى مقاطعة «إسرائيل» وتحرير فلسطين، حيث عدت الشبكة الأمريكية قوله للحق موافقاً لأقوال المنظمات الإرهابية على حد زعمها، حيث بات بالنسبة لهذه الشبكة أن من يقول الحق ينعت بالإرهابي، أياً كان توجهه أو دينه، أو أصله.
وما قامت به «سي إن إن»، يعد غيضاً من فيض مما يبثه الإعلام الأمريكي المدعوم من اللوبي الصهيوني في معظمه، حيث إن المتعاطف مع الحق الفلسطيني تُشن عليه الحملات تلو الأخرى، ويمارس عليه الإرهاب الفكري لإسكاته، وإسكات من يفكر أيضاً بمناصرة القضية.
ومع إمبراطورية الإعلام، التي يملكها الغرب، لا بد من إعلام مواز يفضح الاحتلال، ويكشف مؤامراته، ويعري الإجرام «الإسرائيلي» أمام الرأي العالمي، ويعمل على الصعد كافة للحث على مقاطعتها، وعدم التعامل معها تحت أي ظرف، وبناء لوبيات تؤثر في صناعة القرار في الدول العالمية الكبرى.
ورغم كل ما يمارس إلا أن القضية لا تزال حاضرة في الأذهان، فهي متجذرة كزيتونة في أرض كنعانية لا يضيرها الغزاة، الذين استظلوا بظلها، ثم اندحروا عن هذه الأرض، التي لفظت كل ظالم.
aliqabajah@gmail.com