قضايا ودراسات

ديبي في «إسرائيل»

فتح العليم الفكي

أعادت الزيارة التي قام بها الرئيس التشادي إدريس ديبي إلى «إسرائيل» الأسبوع الماضي بعد قطيعة دامت 44 عاماً إلى دائرة الضوء محاولات دولة الاحتلال «الإسرائيلي» الدؤوبة للتغلغل في القارة السمراء عبر بوابة السياسة والأمن والاقتصاد والدبلوماسية.
زيارة ديبي ولقاؤه برئيس وزراء «إسرائيل» بنيامين نتنياهو جاءت في توقيت تمر فيه القضية الفلسطينية بأخطر منعطف تشهده في تاريخها لتصفيتها عبر المحاولات الخبيثة لتمرير ما تسمى ب«صفقة القرن» وقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة ضارباً عرض الحائط بكل القرارات الأممية وعلى رأسها القرار 242 الذي يدعو «إسرائيل» للانسحاب من كل الأراضي المحتلة وقيام حل الدولتين على أن تكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين.
ولعل ما يبعث على الأسى أن الزيارة جاءت في توقيت غرقت فيه الساحة الفلسطينية في خلافاتها الداخلية التي تكاد أن تعصف بكل المكتسبات التاريخية التي تم تحقيقها عبر سنوات طويلة من الكفاح والنضال تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات.
الزيارة احتفى بها نتنياهو الذي يواجه اتهامات بالفساد وشرخاً في ائتلافه الحكومي بعد استقالة وزير دفاعه أفيغدور ليبرمان احتجاجاً على قبول الهدنة في غزة وجعلته يتبجح بأنه سيزور دولاً إسلامية أخرى في إطار أوهامه التي يسوقها لكسب الشارع «الإسرائيلي» وإحباط الشارع العربي والإسلامي.
ومع ذلك قوبلت الزيارة باستهجان من رئيسة حزب «ميرتس» تمار زاندبيرغ، التي أبدت تخوفها من أن تعقد مع تشاد الدولة ذات الأغلبية المسلمة اتفاقيات سرية لبيع أسلحة، يستخدمها النظام هناك ضد معارضيه السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان.
هناك ثمة حقائق يجب الوقوف عندها، وهي أن الاتحاد الإفريقي ظل في كل مؤتمراته يؤكد دعمه خيار الدولتين ورفضه في قمته الأخيرة بنواكشوط في يوليو/‏تموز الماضي قرار أمريكا بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة، وتأكيده أن القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، كما رفض في يوليو 2016 استقبال نتنياهو على هامش زيارته إلى إثيوبيا، مؤكداً على لسان أحد مسؤوليه أن قرار الرفض ينطلق من ثوابت وميثاق الاتحاد الذي يعتبر «إسرائيل» دولة احتلال وعنصرية.
ومن مواقف الاتحاد الإفريقي الواضحة التي لا لبس فيها موافقته في عام 2013 على قبول منح فلسطين صفة عضو مراقب بالاتحاد ورفضه طلباً مماثلاً من «إسرائيل».
يجب توجيه صوت لوم للدبلوماسية الفلسطينية لخمولها في التعاطي مع دول القارة ركوناً لمواقف الاتحاد الإفريقي المؤيدة للحق الفلسطيني في وقت يزداد فيه النشاط الدبلوماسي «الإسرائيلي» في القارة.
وحتى لا تحقق «إسرائيل» أهدافها في اختراق الدول الإفريقية وخصوصاً الدول الفقيرة في وسط وغرب القارة فإن الدبلوماسية الفلسطينية مطالبة بالتحرك وعلى وجه السرعة لإحباط مخططات الاحتلال وإغلاق كل الثغرات أمامه، وهي مهمة ليست بالعسيرة .

alzahraapress@yahoo.com

زر الذهاب إلى الأعلى