من الاستعداد إلى الإعداد
عبداللطيف الزبيدي
هل أنت خالي الذهن تماماً من احتمال نشوب حروب كبيرة؟ ليس عاقلاً من يقول تماماً، وليس عاقلاً من لا يتأهب، وهو يرى الجهات الأربع قد تجاوزت «تستعد» إلى «تُعدّ». العرب فقط ساهون، بينما الأفق ينذر بالعواصف.
لا يمكن أن تنتظر المخططات هدية أثمن من الرضا بالانخداع. نظرة عجلى؛ لكن ثاقبة، إلى تمزق الخريطة العربية، وسهولة الاستفراد بأي بلد أو منطقة منها؛ لانهيار المناعة العامة، تكفي لإدراك أن السلام بعيد، وأن ثمنه أضعاف خسائر الحرب؛ لأن العرب ضعاف؛ ولأن الجسم الذي كانت له أعضاء، ولو غير متجاوبة، هي اليوم متضاربة.
العالم بات قرية، أحوال الناس فيها مشروحة بالأرقام، المشكلة هي أن القرية لها عمدة شرس لا يرحم، نهم لا يشبع، ظاهره الثراء الواسع، والترف الشاسع، والحصن المانع، وباطنه إفلاس الواقع، وتراجع التابع والطائع، لم يبق غير النيوب القواطع. المشهد العربي أشبه بالكاريكاتور، صار الرأس كله«بطحة» فعلى ماذا «تحاسس» الدول التي لا تملك القوة للحرب ولا المهابة للسلام؟ أبو الطيب أصدق هنا: «ما لجرح بميت إيلامُ». الجامعة الميمونة ذات الحكمة والمنطق مقتنعة بأن الشاة لا يضيرها سلخها بعد ذبحها. إذا ادّعى جنابك أنه أدهى وأذكى من منظمتنا العزيزة، فضع نفسك في مكانها وقل لنا: هل يمكن إرجاع الوضع العربي إلى المربع الأول؟ لدى أم كلثوم التكذيب: «قل للزمان ارجع يا زمان». وهل لدى الشعوب العربية استعداد للإلقاء بسبعين سنة أخرى في سلة مهملات التاريخ، وتصديع الرؤوس بسبعة عقود من القرارات والتوصيات السرابية؟
الطرف الوحيد الذي يحلم بالبناء على الانهيارات العربية الحالية، هو«إسرائيل» وحماتها. للعرب أمل في الأفق، هو أن ما يرومه الغاصبون، ليس سوى حلم، والأمل الأكبر هو أن هذا الحلم الواهم يتراجع بانتقال الكوابيس إلى داخلهم. جنين التغيير الجيوسياسي بدأت رئتاه تتنفسان، والأوكسجين لن تستطيع قوة في العالم والتاريخ الآتي، الحيلولة دون سريانه إلى دماغ القضية.
لزوم ما يلزم: النتيجة الاستراتيجية: هل يمكن أن يحدث كل ذلك بمفاوضات السلام بينما شرايين الحق الضائع تنزف؟
abuzzabaed@gmail.com