الاقتصاد المعرفي في المناهج والأنشطة التعليمية
أروى مشهور الفعر
كان الاقتصاد قديماً يعتمد على الأرض، ورأس المال، والعمالة هذه العوامل الثلاثة الأساسيّة للإنتاج في الاقتصاد القديم، ولكن حديثاً أصبحت المعرفة الفنية والمعلومات، والذكاء، والإبداع هي من الأصول المهمّة في الاقتصاد الحديث (ويكيبيديا 2018)
ولقد برزت في الآونة الأخيرة الكثير من التغيرات في الاقتصاد وخاصة في ميدان التعليم، ولعل من أهم تلك التغيرات ما يسمى بالتحول نحو الاقتصاد المعرفي
ويُقصد باقتصاد المعرفة أنّ المعرفة هي محرّك رئيسيّ للنمو الاقتصادي، حيث إنّه يعتمد على وجود تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الاتصال والابتكار، أمّا الاقتصاد المبني على الإنتاج، فالمعرفة لها دور أقلّ من ذلك، حيث إنّ النمو يكون مدفوعاً بعوامل إنتاج تقليديّة .المعرفة 2014
ولكن حديثاً أصبحت المعرفة الفنية والمعلومات، والذكاء، والإبداع وغيرها هي من الأصول المهمّة في الاقتصاد الحديث حيث يقوم الاقتصاد المعرفي بدور كبير وريادي ومتزايد القوة في تقدم المجتمعات ورقيها، وتأثيره ليس مقصور على المجال الاقتصادي ، أو الإنتاج أ والخدمات فقط، بل امتد هذا التأثير على حياتنا الاجتماعية والثقافية ولقد أصبح التوجه نحو الاقتصاد المعرفي توجهاً عالمياً، حيث يعد من أهم أهداف منظمات عالمية مثل اليونسكو والاتحاد الأوربي والاتحاد الدولي لمعالجة المعلومات، كما أشار التقرير الذي أعده البنك الدولي بالتعاون مع المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (2013م) حيث تكمن أهمية “المعرفة” باعتبارها هي المولّد الرئيسي لكل الأنشطة الإنسانية مهما كان نوعها وتوجهها ومستواها، ومؤخراَ تحولت إلى ركن أساسي من أركان الاقتصاد العالمي، وذلك فيما يعرف “باقتصاد المعرفة” كما ظهر أن بعض الدول والمجتمعات التي تتمتع بمستويات ثقافية عالية وتمتلك القوانين المرنة هي الأكثر قدرة على التأثير والتأثر في “اقتصاد المعرفة “مثال على ذلك ماليزيا حيث أن اقتصاد المعرفة يعتمد بشكل كبير وأساسياً على نشر المعلومات واستثمارها، فنجاح المؤسسات والشركات سواء التعليمية وغيرها يعتمد كثيراً على فعاليتها في جمع المعرفة واستعمالها واستخدامها لرفع الإنتاجية وإنتاج سلع جديدة وتكمن أهداف الاقتصاد المعرفي في إن التعليم يعد المنظومة الرئيسية لعملية نشر المعرفة في أوساط شرائح المجتمع، لذا يجب العمل على تحقيق كافة متطلبات التعليم بهدف إحداث التحول للاقتصاد المعرفي، ويقف على رأس تلك المتطلبات تحديد أسس الاقتصاد المعرفي في البرامج الأكاديمية والتعليمية وتقويمها وتطويرها بصفة مستمرة في ضوء تلك الأسس، بجانب أهمية تحديث المناهج طبقاً لاقتصاد المعرفة لتصبح وفق رؤية تربوية مواكبة ومتسقة مع التطورات والمستجدات العلمية حيث أنها تندرج حول بعض المهارات مثل: مهارات التفكير النقدي وكيفية حل المشكلات واتخاذ القرار وتوظيف تقنية المعلومات والاتصالات وبث روح العمل الجماعي وتحفيز الخلق والإبداع والتفاعل مع التنوع المعرفي وإجادة البحث العلمي وإعداد متعلم متكامل وقادر على الإسهام بقوة في بناء المجتمع وتطويره بجانب تفاعله مع الثقافات العالمية الأخرى ومستجدات العصر، لا سيما وأن المملكة تسير على خطى ثابتة للريادة العالمية من خلال إعداد أجيالها الصاعدة ليصبحوا فاعلين في عالم الاقتصاد المبني على المعرفة. ( النهاري 2019( والمجتمع المعرفي القائم على اقتصاد المعرفة هو مجتمع يتعامل مع الفكر كرأس مال، ومع الابتكار، والإبداع مولدين للمعرفة التي يمكن أن تكون مادة استثمارية ذات نفع اقتصادي، لذا تنافست الدول المتقدمة في رسم خطط استراتيجية تكل لها التحول نحو مجتمع المعرفة القائم على اقتصاد المعرفة، وعملت على توفير ً المستلزمات اللازمة لبناء ذلك التحول وفقا لخطوات معيارية، ومن ضمن تلك الخطط التركيز على فكر الإنسان ودعمه بتوفير كل الإمكانات التي تعين هذا الفكر على الابتكار، والإبداع من بيئة ملائمة، ومدن معرفية، وتعليم يدعم البحث العلمي، والمعرفة، ومراكز بحوث، وحاضنات، ودعم مالي، وفني، واستشاري، وبرامج تدريبية.
وتطور الاقتصاد المعرفي ساهم تطور المنظومة التعليمية في التمهيد لظهور مفهوم الاقتصاد المعرفي وتحقيق العديد من أهداف الاقتصاد المعرفي من خلال إنشاء جيل يحمل الوعي بالعلوم والمعارف المتخصصة، فظهر ما يعرف بعامل المعرفة وهو ذلك الفرد الذي يحمل الخبرة والمعرفة العلمية بأحد التخصصات، كالطبيب أو الممرض أو المهندس أو المحامي، مما خلق حالة من التواصل الفكري والمعرفي بين من تجمعهم التخصصات والخبرات المتشابهة.
وخطوة تطوير المناهج كانت بهدف إدماج الطلاب في منظومة الاقتصاد المعرفي التي تعتبر الأداة القوية لعملية النمو الاقتصادي في عصرنا الراهن، حيث يقوم الاقتصاد المعرفي بتحويل المعرفة إلى ثروة تفوق في قيمتها الثروات الطبيعية التقليدية. ويرتكز الاقتصادي المعرفي على أربع دعائم هي الابتكار الذي يعتمد على البحث والتطوير والبنية التحتية القائمة على تقنية المعلومات والاتصالات والتي تكفل تجهيز المعلومات والمعارف ونشرها وتكييفها مع الاحتياجات المجتمعية، بجانب دعامة الحاكمية التي تستند على أسس اقتصادية صلبة تمكنها من توفير الأطر القانونية والسياسية لزيادة الإنتاجية والنمو، فضلاً عن دعامة التعليم باعتبارها الأهم والأساس في العملية الإنتاجية والتنافسية. (النهاري 2019)
خصائص اقتصاد المعرفة : حيث تشتمل على اربعة محاور رئيسية :
- الابتكار: وذلك باستيعاب ثورة المعرفة المتنامية ومواكبتها وتكيفها مع الاحتياجات المحلية
- التعليم :بدمج التكنولوجيا والاتصالات مع المهارات الإبداعية في المناهج التعليمية
- البنية التحتية : التي تقوم على الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
- الحوافز : في إتاحة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وتخفيض التعريفية الجمركية على المنتجات التكنولوجية
ويتميز بناء المنهج في ظل الاقتصاد المعرفي بناء المناهج بطريقة وظيفية ومحورية و تناوله كافة الخبرات المقدمة من التعلم داخل المدرسة وخارجها
وتنمية المهارات والاتجاهات والميول ومراعاة الفرق الفردية بين الطلاب
والتنوع في استراتيجيات التعلم والتعليم
وإكساب الفرد المهارات الضرورية لتأقلم مع متطلبات العصر وتكييف المنهج لعصر ثورة الاتصالات والمعلومات وتهيئة الطلاب في العيش للزمن القادم .