الإمارات و دعاة الإصلاح
محمد سعيد القبيسي
قال الله تعالى ” وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ” سورة النحل آية18، لقد أنعم الله على شعب الإمارات بقيادة حكيمة تُعنى بشؤون البلاد والعباد، فقد حرص الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -رحمه الله – على بناء قاعدة أساسية في هذا الوطن وهي قاعدة (الاتصال والتواصل) مع جميع أفراد الشعب،- الحمد الله الذي منَّ علينا بهذه النعمة والفضل الكبير- فقد قال ((إن الحاكم ، أي حاكم ، ما وجد إلا ليخدم شعبه، ويوفر له سبل الرفاهية والتقدم ، ومن أجل هذا الهدف يجب أن يعيش بين شعبه ليتحسس رغباتهم ، ويعرف مشكلاتهم ، ولن يتحقق له ذلك إذا عزل نفسه عنهم))، فلم يعزل نفسه عن شعبه بل ظل متواصلا معهم حتى أخر يوم في حياته , لقد أولت القيادة في الإمارات العنصر البشري جلَّ اهتمامها، يقينا منها بأنَّ تقدم البلدان والحضارات محصورٌ بتقدم شعوبها، فعُنيتْ بالعلم والتعليم، وقامت ببناء المدارس والجامعات والمعاهد التعليمية، ووفَّرت الرعاية الصحية المجانية لجميع المواطنين، وشيَّدت صروحا طبية يشار إليها بالبنان حرصا منها على حياة المواطنين وصحتهم وذلك بتأمين أمهر الأطباء والجراحين وتوفير التحصينات والادوية اللازمة لذلك، وتعدى الأمر إلى إيفاد بعض الحالات الخاصة والتي لا يمكن معالجتها في المستشفيات المحلية الى أفضل المشافي العالمية لتلقي العلاج.
إن دور الدولة لا ينتهي هنا… بل امتد ليصل إلى المقبلين على الزواج من الشباب عن طريق منحهم مساعدات مالية وأراض سكنية مع قروض ميسرة السداد وبدون فوائد، أو توفير مساكن جاهزة لذوي الدخل المحدود، بالإضافة إلى ذلك فان الدولة تقوم بتوزيع الأراضي الزراعية والاستثمارية والتجارية على المواطنين لتحسين مستواهم المعيشي.
ولقد تفرَّد المغفور له – باذن الله – الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – رحمه الله – بانتهاج سياسة اجتماعية في توزيع الخير على الشعب، وبعدة طرق منها إقامة المهرجانات التراثية والثقافية والتي كان يحضرها بنفسه ويوزع جوائزها بيديه الكريمتين، وقد أسهمت هذه السياسة الحكيمة في تعزيز وتقريب العلاقة بين الحاكم وشعبه، وهذا النهج الذي كان يتبعه الشيخ زايد – رحمه الله – لم يتوقف بعد رحيله في عهد خليفة القائد ، فأبناؤه من بعده ينتهجون نفس الدرب ويضيفون إليه مآثر عظيمة تناسب المتغيرات والمتطلبات في سبيل تحقيق أعلى مستوى معيشي بين أبناء الوطن، وبفضل هذه الجهود فقد تبوَّأت الإمارات خلال 40 عاما من الاتحاد مكانة عالمية، تفوقت بها على دول وبلدان فاقت في عمرها مئات السنين، بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل قيادتنا الحكيمة.
و بعد كل هذه النعم التي نحظى بها من العيش في أمن وأمان في ظل قيادتنا وولاة أمورنا….. يخرج علينا للأسف مجموعة من الأشخاص الذين يدعون إلى الإصلاح في الإمارات!!!!!
ولا أعلم ما هي الإصلاحات التي يدعون إليها؟ فهؤلاء القوم لم يعيشوا في البلدان التي تحكمها الأحكام العرفية حيث يُقاد الشخص إلى المعتقلات والسجون ليعذب وتقطع أجزاؤه لمجرد الاشتباه به أو حتى لكلمة لم يعنِ لها بالا؟ ولم يعيشوا في بلدان يضرب فيها المرء أو يهان لأتفه الأسباب من قبل أفراد الشرطة؟ أو إنهم يستعجلون الوقت إذا كانوا يتنقلون من منطقة إلى أخرى قبل حلول الظلام وذلك تجنبا للوقوع في أيدي نقاط التفتيش أو حتى قطاع الطرق؟ أو صعوبة الوصول إلى مناطق أخرى لعدم وجود طرق معبدة أو صعوبة الحصول على المواصلات؟ هؤلاء لم يعيشوا في بلدان تتزايد فيها أعداد من يعيشون تحت خط الفقر أو ممن لا مأوى لهم.
أو في بلدان لا يستطيع أن يصلي فيها المسلم في مسجد واحد أكثر من صلاة خوفا من اعتقاله؟ أو لا يستطيع دخول أي مسجد آخر سوى المسجد المحدد له بجانب مسكنه ويدخله ببطاقة خاصة .
أو في بلدان يخشى على نفسه وأهله من ” زوار الفجر” أو أن يقبض عليه وهو نائم بجوار زوجته .
أين هي الإصلاحات هذه التي يريدها هؤلاء في ظل قيادة تستقبل أفراد الشعب وتخصص لهم الوقت لسماع شكواهم وتلبية طلباتهم بجانب انشغالهم بأمور الدولة.
وأية إصلاحات هذه التي يريدونها وولي عهد أبوظبي سمو الشيخ محمد بن زايد حفظه الله يمر في الطريق ويجد طفلة صغيرة وقد تأخر عليها والدها ليجلس بجانبها في أيام الصيف الحارة حتى يحضر والدها ويسلمه إياها بيده. وأية إصلاحات هذه التي يتشدقون بها؟ ألم تنجح القيادة في الإمارات في توفير أساسيات الحياة الكريمة لمواطنيها؟ وإن كل الشعوب العربية التي خرجت كانت إما تطالب بلقمة العيش، أو تطالب بحريتها أو كرامتها، وشعب الإمارات ينعم بكل هذه المطالب، والواقع يشهد بذلك، فالإصلاح هو التغيير للأفضل والأنفع، وهو في الإمارات يتسم بالاستدامة وليس متوقفا ولا مُرتهنا بأمر عارض، وهو دور الدولة التي تقوم به، حيث تقوم قيادتنا الحكيمة بأخذ الامور بحكمة، وهي تعي بدور (التجهيز قبل التنفيذ) وهي الطريقة التي تقوم بها في تهيئة المجتمع وتجهيزه لتقبل أي تطورات ومتغيرات جديدة، ولنا ان نسال هنا كيف تقوم بذلك؟ وسأذكر المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي هنا كمثال حي وشاهد على ما تقوم به الدولة ودورها في تهيئة المجتمع لتقبل التغييرات، حيث بدأت الدولة في السير نحو العملية الانتخابية للمجلس الوطني خطوة بخطوة، وفي كل دورة جديدة للمجلس يتم ادخال تطورات وتعديلات في العملية الانتخابية بناء على نتائج الدورات السابقة وعدم تكرار الاخطاء ان وجدت وتصحيحها، ومع مرور الوقت سيكون هناك جهات متخصصة لقيادة هذه الحملات الانتخابية وضمان سيرها بطريقة منظمة وسلسة وحسب الخطط والتصورات الموضوعة، في نفس الوقت يكون المجتمع قد تهيأ لمثل هذه التطورات وعايشها، وتكون لديه الوعي الكامل حول العملية الانتخابية وكيفية سيرها ، مثلها مثل الكثير من الامور الاخرى التي تقوم بها الدولة في مصلحة الوطن والمواطنين، ولنا أن نتصور الأمر لو بدأت هذه الانتخابات مرة واحدة ودون تهيئة، فماذا سيحدث؟ فحتما ستكون هناك فوضى عارمة، ونتائج غير محمودة، فرؤية الدولة والقيادة رؤية شمولية بعيدة المدى تختلف عمَّن لا تتعدى رؤيته موضع قدمه. ومن الواضح أن هؤلاء المتشدقين بدعوى الإصلاح وولاءهم للجهات الخارجية التي يعتنقون توجهاتها ومعاداتها للأجهزة الأمنية، جعلتهم يعتقدون بأنهم يعيشون هناك، وقد تجد دعواهم من يستجيب لها في بلدان من يوالونهم، والإمارات ولله الحمد ليس بحاجة الى دعواهم…
فهم في الامارات مجرد قطرة فاسدة في غيث طيب ستتفكك ولن يكون لها وجود وجهاز امن الدولة الذي يتكلمون عنه هو من يسهر على أمن الامارات ويحميها ممن تسول له نفسه لزعزعة امنها واستقرارها، ومن امثالهم ممن يريد الشر، ونشر الفتنة في المجتمع، وهذا لن يصلوا اليه بوجود الشرفاء من ابناء الوطن ابناء زايد، وإن كان هناك إصلاحات فهي لأمثالهم ليصلحوا أنفسهم وليعرفوا الحق من الباطل، ورسالتي لهم اذهبوا الى من توالون وعيشوا معهم، وستعرفون النعمة التي منحكم إياها الله سبحانه وتعالى بالعيش في الإمارات .
وفي الختام اقول لهم لا تكونوا كالذين ذكرهم الله تعالى في كتابه بقوله ((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104)) سورة الكهف..