تعليم للمستقبل
جمال الدويري
التعليم المتميز والناجح هو الذي يواكب المتطلّبات والتحديات ويستشرف المستقبل. قد يكون هذا التعريف الحديث لهذه العملية، فضلاً عن التعريفات العملية والتربوية للتعليم الذي يُعرّف بأنّه عملية منظمة تهدف إلى اكتساب الشخص المتعلّم للأسس العامة البانية للمعرفة، بطريقة منظمة وبأهداف محددة ومعروفة.
التعليم الجيد في هذا الزمن لم يعد ينحصر في مقدار إفادة الطالب وتحصيله العلمي وحسب؛ بل المسألة بدأت ترتبط بالأساس بنوعية التعليم المقدّم، والطريقة التي يقدّم بها.
كثيرة هي الدول التي لم تُدخل أي تعديلات على مناهجها أو وسائلها وطرائقها التعليمية، إلى درجة تلحظ معها أنّ من تخرجوا قبل هذا الجيل هم امتداد للجيل الحالي، فلا فوارق في ما نهلوا من المدارس والجامعات، وكأنّ الزمن قد توقف لديهم.
مسألة تحديث المناهج والوسائل والطرائق التعليمية، باتت ملزمة لكل الجهات المسؤولة عن التعليم في أي بلد؛ لأن هذه الجهة مسؤولة عن تنشئة أجيال الحاضر والمستقبل، وما سيحصده الطالب من علوم ومعارف تقدم له، سيكون جوهر تشكّل شخصيته ونهجه التعليمي.
دولة الإمارات، لا شكّ من الدول العربية القليلة جداً التي انتبهت إلى مسألة التعليم منذ زمن ليس بالقليل، فاجتهدت وعملت وطوّرت واستحدثت مناهج وابتكرت تخصصات جامعية تواكب المستقبل وتستشرفه، ولم تبق حبيسة لوسائل الماضي وعلوم تخطّاها الزمن.
وتحظى برامج التعليم العام والجامعي في الإمارات، باهتمام كبير في موازنة الدولة، حتى وصلت مخصصاتهما إلى 9.5 مليار درهم (بنسبة 16,27% من إجمالي الميزانية لعام 2022)، فضلاً عن إطلاق مدارس الأجيال بمناهج وطنية تشرف عليها مؤسسة التعليم المدرسي، كاللغة العربية والتربية الإسلامية، فضلاً عن مناهج دولية في العلوم والرياضيات، تشرف عليها مؤسسات تعليمية خاصة متميزة بالكفاءة.
ينتظم على مقاعد الدراسة في الدولة خلال الأسبوع المقبل، أكثر من 1.2 مليون طالب وطالبة في كل المراحل التعليمية، وهناك عشرات الآلاف ينتظمون في دراستهم الجامعية في جامعات الدولة وكلياتها، وجميعهم يحظون باهتمام كبير من قيادة الدولة، ويترجم ذلك عبر قرارات حكومية، وكان ذلك جلياً في أول تعديل حكومي في عهد صاحب السموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، عندما أعلن صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، إجراء تغيير هيكلي في قطاع التعليم في الدولة، حيث شمل التعديل أن يكون هناك ثلاثة وزراء معنيين في قطاع التعليم، بوجود وزير للتربية والتعليم، ووزيرة دولة للتعليم العام والتكنولوجيا، ووزيرة دولة للتعليم المبكّر، وإنشاء هيئة اتحادية للتعليم المبكر تحت إشرافها.
هذا كله يعكس حجم اهتمام قيادة البلاد بهذا الملف المهم جداً، فالتعليم الجيد يعني كل شيء جيد في البلاد.