سلوك المستهلك
يختلف سلوك الشراء بين الفرد الذي يشتري منتجًا أو خدمة لاستخدامه الشخصي وبين المنظمة التي تقوم بالشراء لأغراض صناعية أو تجارية أو لأداء أعمالها، هذا الاختلاف ينشأ من اختلاف الأهداف والاحتياجات؛ حيث يسعى الفرد إلى إشباع رغباته وحاجاته بناءً على إمكانياته الشرائية المتاحة، بينما تركز المنظمة على تلبية احتياجاتها الوظيفية والعملية وفقًا لمعايير محددة لديها.
هذا السلوك يمكن تقسيمه إلى سلوك فردي وسلوك مؤسسي، فدراسة سلوك الفرد من الموضوعات بالغة الأهمية للمسوّق، إذ يعتمد عليه في تصميم المزيج التسويقي المناسب للفئة المستهدفة، بغرض التأثير على الفرد وتحفيز قرار الشراء لديه، وهو جانب مرتبط بشكل كبير بعلم النفس ويعتمد على فهم دوافع الفرد وعوامل التأثير عليه.
أما دراسة سلوك الشراء المؤسسي لدى المنظمات، فهي أكثر تعقيدًا نظرًا لأنها تتم عبر إجراءات رسمية محوكمة في إطار نظام المشتريات الخاص بها، وذلك لاعتبارات مالية وفنية تهدف للحد من التقدير الشخصي في اتخاذ قرار الشراء، ويختلف مستوى التعقيد فيها من منظمة لأخرى بناءً على نوعها وطبيعة عملها وحجمها.
وبالمجمل فإن قرار الشراء سواء أكان للفرد أو للمنظمة يتأثر بعدة أشخاص، حيث هناك الشخص المبادر الذي يقترح الشراء، والشخص المؤثر الذي له تأثير إيجابي أو سلبي قوي على قرار الشراء، والشخص المقرر الذي يحدد متى وكيف وبكم ومن أين يتم الشراء، والشخص المشتري الذي ينفذ عملية الشراء، وأخيرا الشخص المستخدم الذي يستفيد من المنتج أو الخدمة، فالمسوّق يهتم بدراسة كل شخص من هؤلاء ويقيم مدى أهميته ودوره في عملية الشراء، وعلى ضوء ذلك يُحضّر لكيفية استهدافه والتأثير عليه والتعامل معه وما الرسالة المناسبة له، كل ذلك من خلال وضع مزيج تسويقي مناسب لكل منهم.
ويختلف مستوى قرار الشراء بعدة عوامل منها نوع المنتج وأهميته وندرته وتكلفته، أيضا مدى المخاطر التي قد تحدث أثناء عملية الشراء، كذلك المخاطر التي تحدث جراء استخدام السلعة أو الخدمة، ومدى تكرار عملية الشراء والوقت المُستغرق لإتمامها، على سبيل المثال شراء منتج غذائي كالجبن يُعد قراراً بسيطاً نظراً لتكلفته المنخفضة وندرة المخاطر المرتبطة باستخدامه، وتكرار شرائه بكثرة وبوقت قصير من أي تموينات، على العكس من ذلك في حالة شراء جهاز لابتوب جديد.
إضافة لذلك هناك عوامل أخرى تتعلق بالفرد وتؤثر في سلوك شرائه، منها مدى الإدراك ومستوى ثقافته وعاداته وتقاليده التي اكتسبها من بيئته وخلال تربيته ثم يقوم بموجبها في تفسير الأمور وفهم الحقائق، أيضا بالنسبة للاعتبارات الشخصية من جانب نظرة المجتمع له والتي يطلق عليها “المركز الاجتماعي”، أيضا العوامل الأخرى متعلقة بالجانب الشخصي كالعمر والوظيفة ومستوى الدخل وأسلوب حياة الفرد أو النمط المعيشي في كيفية قضاء وقته والقيام بنشاطاته اليومية، كذلك العوامل النفسية التي تتعلق بالفرد وتتطابق بشكل كبير مع نوع وخصائص المنتج أو الخدمة المناسبة التي يفضلها ويستخدمها عادة.
كذلك من ضمن العوامل التي تؤثر في سلوك الشراء مدى تأثر حواس الفرد بحالات معينة، كمشاهدة إعلان في لوحات الطرق لمشروب غازي يظهر بارداً خلال فترة الظهيرة في شدة الحر، كذلك في أسلوب المقارنة والتباين بين الأشياء في الحجم أو السعر أو النظافة وغيرها التي ترتبط بالتوجه أو الميول لدى الفرد التي تكون نتيجة قناعاته ونظرته تجاه الأشياء، فمثلا قناعة البعض بأن شركات مثل هواوي أو أبل أو أو غوغل، هي الأفضل في مجال التقنية تجعلهم مقتنعين بأن جميع منتجاتها هي الأفضل حتى قبل أن تُطرح في السوق أو يتم تجربتها، مثل هذه القناعات من الصعب تغييرها إلا بحملات إعلانية توعوية ذكية ومكثفة وهذا بالتأكيد يتطلب جهدا وميزانية عالية.
فالمسوّق يهمه دراسة كل العوامل المؤثرة في قرار الشراء وتقييمها لضمان تقديم مزيج تسويقي فعال يتناسب مع تعقيدات ومتطلبات عملية الشراء.
نقلاً عن “الرياض“