تدريس التربية الأخلاقية
المؤسسة العسكرية هي خير مكان يصنع الرجال، بكل ما في الرجولة من معاني القوة والصلابة والقدرة على التحمل والتفكير الناضج والسلوك القويم واحترام الآخرين ومراعاة مشاعرهم، وغيرها الكثير من الصفات الإيجابية التي تشكل في نهاية المطاف ملامح شخصية نوعية متميزة، قادرة على تحمل المسؤولية، والعطاء، جادة في حياتها، تخطط للحاضر والمستقبل وتعتمد على الله.
وخيراً فعل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عندما وجّه الجهات المعنية، بتدريس مادة التربية الأخلاقية بدءاً من العام الدراسي الجديد، خصوصاً عندما تطبق على الصغار، فإن المدرسة ستتحول إلى معين حقيقي وفاعل للأسر في تربية أبنائها، وتعليمهم، التربية المثالية الإيجابية، التي تعينهم على رؤية تفاصيل الحياة بشكل أوضح، يتعلمون مجسدات الأخلاق الحميدة، والنقيض منها، فلا يكون لديهم عذر بأنهم لم يتعلموا ولم يرشدهم أحد إلى جادة الصواب وطريق الحق، وسبل خدمة الوطن.
التربية الأخلاقية يجب أن تحظى باهتمام القيادات التربوية، والتوجيه على اختلاف تخصصاته، والإدارات المدرسية هي وحدها التي تكون على اتصال مباشر بالتلميذ الطفل متدرّجاً في المراحل التعليمية الثلاث حتى يصبح طالباً شاباً على أبواب التخرج من التعليم العام، لينتقل إلى مرحلة تعليمية نوعية جديدة، يستكمل فيها تعليمه العالي متسلحاً بما تربّى عليه من أخلاق، إلى أن تتلقفه مصانع الرجال فتصقله وتصحح اعوجاجاته وتجعله رجلاً أقرب إلى الفارس في سلوكياته وأخلاقه وإيماناته.
إنه على النقيض تماماً من الشباب الحرّ في دول العالم الحرّ الذي يعاني جزء مهم منه من الهيافة والضياع ويسقط في بحور مغيبات العقل والإحساس، لا قيم لديه ولا مبادئ، ولا يعترف بالروابط الأسرية التي تقدسها مجتمعاتنا، والحديث في الشباب الضائع غير الملتزم يطول.
إذن، شبابنا سيحصنه ويربيه الثالوث التربوي المحكم، الأسرة، والتربية الأخلاقية في المدارس، والتربية العسكرية ما بعد التخرج من الجامعة، فإن تقاعست الأسرة عن القيام بدورها بالفاعلية المطلوبة وفشلت في تنشئة طفلها على الأخلاق الحميدة، فإن المدرسة يجب أن تتولى ذلك في كل صفوفها، متدرجة بالمبادئ والمثل حتى يمكنها في نهاية المطاف تشكيل ملامح شخصية سوية مفيدة لنفسها وبيئتها والمجتمع، وإن كانت نتائجها دون الامتياز، فإن المؤسسة العسكرية خير مربٍّ للأجيال، والرجال لا تصنعهم إلا الشدائد والحياة القاسية، التي لا تعترف باللين.
نأمل أن تكون الآلة التربوية تدور الآن تصنع الكتب التي ستساعد الأسر على أن تكون المدارس شريكاً حقيقياً في تربية الأبناء وتشكيل ملامح شخصياتهم، بحيث تكون المخرجات دائماً بإذن الله مشاريع علماء، وفرسان في أخلاقهم ورجولتهم وسلوكياتهم الحميدة.
ابن الديرة
ebn-aldeera@alkhaleej.aeOriginal Article