حين ينطق التاريخ
عبدالله الهدية الشحي
لرأس الخيمة تاريخ قديم الأزل حيث ذكرت عند الآشوريين وتعددت أسماؤها عبر التاريخ، فسميت قديماً جلفار وسميت حيناً بالصير وقد اشتهر اسم جلفار كمستوطنة أثرية في النصف الأول من الألف الثالثة قبل الميلاد وهي من المدن الإسلامية المعروفة التي تضم بيوتاً سكنية ومساجد تعود إلى القرن الرابع الهجري، وورد ذكرها كمركز تجاري في السجلات الهولندية في البصرة سنة 1646 حيث سجل وصول سفينة من جلفار تحمل 100 صندوق من أقماع السكر، كما كانت مركزاً رئيسياً في تجارة الأسلحة أثناء الحروب الأفغانية والفارسية والإنجليزية زارها العديد من الرحالة فقال عنها المرتضى الزبيدي في شرحه تاج العروس: جلفار كجلنار مدينة بحرية بنواحي عمان يجلب منها السمن والجبن إلى جزيرة قيس وهذا ما أكده أيضاً ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان في حديثه عن جلفار كما وصفها دوارت باربوسا في القرنين السابع عشر والثامن عشر قائلاً: مكان كبير جداً فيه العديد من الناس والأعيان والملاّحين الذين كانوا يعملون في صيد «الجفار» أو اللآلئ الصغيرة والعديد من اللآلئ الكبيرة التي كان تجّار هرمز يقصدونها لشرائها. ولرأس الخيمة تاريخها المتشح بالمجد والازدهار طوال التاريخ وخاصة في عهد القواسم زعمائها الأباة الكرام الذين سطروا أروع الملاحم التاريخية البحرية والبرية في مقاومة النفوذ الأجنبي وما زالوا يسطرون أروع السير في حكمهم الرشيد والحكيم.
لتاريخ رأس الخيمة اليوم «أرشيف القصر» الذي يوثق ويؤصل سيرتها عبر الزمن وما احتوى هذا الزمن إلى يومنا هذا عبر مراحله من حراك مجتمعي وما مر من أحداث وما ضم الإرث التاريخي والموروث الشعبي والمنجز الحضاري، بالإضافة إلى سيرة حكامها الكرام منذ نشأتها وإلى عهد الخير والسعد الذي تنعم به حالياً والتعريف بأبنائها المبدعين عبر التاريخ في كافة المجالات وقبل هذا وذاك ما شهدته الإمارة من تطور وازدهار في ظل نعيم الاتحاد المبارك.
لرأس الخيمة أرشيف موسومٌ بأرشيف القصر الذي يحمل بمسماه هذا دلالة واضحة على أهميته ومدى الاهتمام به من قبل صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم رأس الخيمة الذي يوليه الرعاية الشاملة مادياً ومعنوياً، ومن حرمه الشيخة هنا بنت جمعة الماجد التي تبذل كل غال ونفيس في سبيل أداء دوره المجتمعي كمنارة علم وفكر لمريدي التطور الحضاري و للباحثين والدارسين وكمصدر توعية بأبعاده التاريخية للأجيال الحالية والقادمة، والأدلة على اهتمامها بهذا الأرشيف كثيرة وجليلة سواء من حيث الزيارات المتتالية والمتابعة المستمرة والدعم اللامتناهي أو من حيث إهداءاتها الخاصة لما تملك من مقتنيات تاريخية إلى الأرشيف، إلى جانب الرعاية والتشجيع لموظفات الأرشيف بمختلف مسمياتهن العملية من الأكاديميات المتخصصات في مجال الأرشفة والتاريخ والإعلام والتقنية الإعلامية.
لرأس الخيمة أرشيف القصر الذي يحكي ويسرد ويروي بكل الدلائل والشواهد تاريخها القديم والحديث، ولأرشيفها هذا سيكون هناك تواجد يحتفى به في معارض الكتاب وفي المحافل ذات الشأن داخل وخارج دولتنا الحبيبة، فكل الشكر التقدير لمن أسس ورعى وأسهم في بروز هذا الأرشيف بمسماه ورؤيته وأهدافه فحين تنطق شواهد التاريخ يكون الوقع أجمل وأروع.
aaa_alhadiya@hotmail.com