قضايا ودراسات

الانفصال.. استمرار للحرب

فيصل عابدون
مرت الذكرى السادسة لانفصال جمهورية جنوب السودان عن الوطن الأم، وللعام الثاني تمر الذكرى باهتة مثقلة بالحزن والإحساس بالمأساة وغياب الأمل في الاستقرار والتنمية والازدهار مع استمرار الحرب الأهلية، وتزايد معدلات القتل وسفك الدماء وانسداد آفاق التسوية السلمية، وتعنت الأطراف المتحاربة في مواقفها إزاء اقتراحات التسوية والسلام، وارتباك الوسطاء الإقليميين والدوليين. مع تردي الوضع الاقتصادي ووقوف الدولة على حافة الانهيار والإفلاس المالي.
لم تشهد العاصمة جوبا أو المدن الأخرى في البلاد مظاهر احتفالية، بل خيمت على أهلها أجواء الكآبة ومشاعر الإحباط واليأس. أما النازحون في مخيمات الأمم المتحدة، واللاجئون في بلدان العالم الأخرى، فقد كان حالهم يغني عن السؤال.
لا شيء يدعو للاحتفال بعد مرور ستة أعوام على نيل الحرية والاستقلال، فمن ناحية الوضع الاقتصادي انهارت عملة جنوب السودان من 18.5 جنيه مقابل الدولار، في ديسمبر/كانون الأول 2015 إلى 140 جنيهاً في السوق السوداء في جوبا. وبلغ التضخم مستويات قياسية، إذ ارتفع بنسبة 730% حسب أرقام البنك الدولي.
وفي الجوانب الأخرى، فقد أعلنت حكومة جوبا في ذكرى الاستقلال رفضها إعادة التفاوض حول «اتفاقية أغسطس» المتعثرة مع المتمردين وجماعات المعارضة وتمسكت بمواقفها السابقة، ما يعني تشدداً مماثلاً في صفوف المتمردين، وبالتالي استمرار الأزمة القائمة.
وفي ذكرى الاستقلال تبادلت الحكومة والمتمردون الاتهامات بالمسؤولية في معارك جديدة نشبت في توريت ومانغوك وماثيانغ ومالو، وفي مناطق بحر الغزال. ومع بروز مخاوف من وقوع تمرد جديد في الجيش الحكومي تصاعدت الضائقة الاقتصادية وتأخر صرف الرواتب.
وفي ذكرى الاستقلال قال ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) إن «ملايين الأطفال في جنوب السودان يعانون مصاعب لا تصدق، وتراجعاً في مجالات التعليم والغذاء والصحة والحقوق». وأشارت اليونيسيف إلى نزوح مليوني طفل من منازلهم خلال الحرب الدائرة منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف، فيما قتل 2500 طفل على الأقل.
وفي ذكرى الاستقلال قال المجلس النرويجي للاجئين، إن هناك القليل الذي يستدعي الاحتفال بشأنه بحلول الذكرى السادسة لاستقلال جنوب السودان. وقالت ريحانا زوار، مديرة هذه المنظمة الخيرية في جنوب السودان، إن «استقلال جنوب السودان تخيم عليه أزمة غذاء غير مسبوقة».
وأضافت «أثار الحصول على الاستقلال آمالاً في السلام والتنمية، لكن الأزمة أدت إلى نزوح 4 ملايين جنوب سوداني من منازلهم». وتابعت «للأسف هناك أسباب قليلة للاحتفال في ظل ما يواجهه الناس من أزمة غذاء حادة تزداد حدتها شهرياً».
يقول الأهالي والسكان المحليون إن حلول ذكرى الاستقلال لا تعني لهم إلّا المعاناة والأحلام المجهضة واستمرار طاحونة القتل والمجاعة، وانتشار الأمراض والأوبئة.. ويقول المسؤولون الحكوميون إن وضع البلاد لا يستدعي الاحتفال.

Shiraz982003@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى