قضايا ودراسات

آفاق التسوية الليبية

فيصل عابدون
يدفع اللقاء المقرر انعقاده اليوم في باريس بين رئيس المجلس الرئاسي الليبي فائز السراج والقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر، إلى التفاؤل الحذر بإمكانية التوصل إلى اتفاق للتسوية أو على مبادئ عامة تؤسس للمضي قدماً في مشروع التسوية.
وبواعث التفاؤل هي ذاتها أسباب الحذر إزاء النتائج المحتملة للقاء الإليزيه، وهو اللقاء الثالث من نوعه بعد لقاء أبوظبي ولقاء القاهرة، حيث كسرت الجمود وساهمت في تذويب الجليد في العلاقات والمواقف ومهدت الأجواء للمضي قدماً في طريق التفاوض السلمي الإيجابي.
ومما لا شك فيه أن تكرار لقاءات القادة من شأنه أن يقرب المواقف ووجهات النظر المتباعدة وخلق أرضية أكثر ودية للتفاهم، وإن كان ذلك يتم بدينامية بطيئة نوعاً ما إلا أن الوساطة النشطة يمكن أن تلعب أدواراً كبيرة وهامة مع استمرار قناعة الطرفين بجدوى الحوار.
ومما لاشك فيه أيضاً أن السراج وحفتر اللذين يمثلان القطبين الأبرز والأهم على الساحة، هما دون غيرهما الأقدر على إيجاد الحلول الكفيلة بتسوية الأزمة ووضع هذه الحلول موضع التنفيذ حال اتفاقهما عليها. فالسراج هو رئيس المجلس الرئاسي وهو الجهاز السياسي الذي يحظى باعتراف ومساندة المجتمع الدولي والإقليمي، وهو الرئيس الأطول بقاء في المنصب في أعقاب الفوضى التي أعقبت انهيار نظام الزعيم الليبي معمر القذافي، ما يدل على قدرة استثنائية في البقاء. أما المشير حفتر الذي يدعمه البرلمان الليبي فهو رجل المؤسسة العسكرية القوي والقائد العام الشرعي للجيش وهو الرجل الذي يملك مفاتيح الاستقرار وحسم التفلتات. وقد أثبت ذلك عملياً عبر عملية تحرير بنغازي وإنهاء خطر الميليشيات الإرهابية التي كانت تسيطر على المدينة وتروع أهلها.
ويقول دبلوماسيون إن محادثات باريس ستركز على الاتفاق على مبادئ رئيسية منها أن الاتفاق السياسي هو السبيل لإحراز تقدم، وعدم اللجوء لحل عسكري وإخضاع الجيش الليبي لسلطة مدنية. وتدور الفكرة حول دفع السراج وحفتر لاتفاق يتيح للأمم المتحدة تنفيذ اتفاق السلام وإجراء الانتخابات.
وفي الأسبوع الماضي أطلق السراج خريطة طريق لإنهاء الأزمة ركزت خصوصاً على إجراء انتخابات عامة، وهي خطوة تؤشر لتوجه تصالحي ورغبة ضمنية في التنحي ومغادرة المنصب. وربما يحمل الرجل وثائق مبادرته الجديدة إلى قاعة المفاوضات في الإليزيه ويلقي عليها المزيد من الضوء في لقاءاته المنفردة مع قائد الجيش المشير حفتر أو مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وهو صاحب مصلحة حقيقية في استعادة الدولة الليبية.
إن لقاء اليوم يضم زعيمين في موقع قوة، لا يستطيع أحدهما تخطي الآخر أو إقصاءه دون المخاطرة بمستقبل الاستقرار والتسوية. ولأن الرجلين يدركان حراجة الوضع وتعقيداته الظاهرة والخافية فإن اللقاء يبعث قدراً من التفاؤل.

Shiraz982003@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى