الزواج الالكتروني
فاطمة الصريدي
في زمن ليس ببعيد كانت الخطابة تلعب دوراً فعالاً في توفيق رأسين بالحلال، ولكن في الوقت الراهن اختلف الوضع فالخطابة عملها كأي عمل تجاري أو مشروع يهدف إلى الربح، فهي تقوم بعملية البحث والتقصي عن الشخص المناسب وتأخذ مبالغ كبيرة مقابل عملها. والحقيقة أن إي عمل تجاري يقوم على عاملين أساسين هما حاجة ورغبة الناس بهذا العمل. وفي وضع الخطابة تم استغلال حاجة النساء بالزواج من فارس المقدام على حصانه الابيض، كذلك تم استغلال رغبة الرجال بالزواج من إمرأة تذهل من حولها بجمالها وجسمها الممشوق كعارضة أزياء. في هذا المقال سوف اركز على المرأة.
نعم تم إستغلال تلك النوعية من النساء والرجال، ولكن لنبحث أكثر عن السبب الكامن من وراء حاجتهم ورغبتهم بذلك؟! ما هو الدافع الذي أجبرهم للجوء إلى الزواج الإلكتروني أو الخطابة الوهمية.
لو فكرنا بها، لو جدنا أن هناك إعتقاد للأسف راسخ في عقول نساء المجتمعات العربية، بأن الزواج هو أهم شيء في الحياة، لا ، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك فينظر إليه في بعض الدول العربية على أن الزواج هو الحياة برمتها، كأن تلك النساء كانوا أموات وأتى الزواج لإنعاشهم لعيش حياة أخرى. ليست النساء مخطأت فهن يفكرن بتلك الطريقة ، فقد تربوا وكبروا على سماع تلك الجٌمل منذٌ الصغر، فالزواج هو الستر والأمان وهذه حقيقة وسنة الحياة وهذا ما أكدته الشريعة الغراء.
ولكن يتم ترسيخ إعتقاد بأن الزواج هو ملزم ويجب على النساء الزواج وأن لم تتزوج فهنا الطامة الكبرى، جميعنا نعرف المثل المشهور ( ظل رجل ولا ظل حيطة). وفي حال لم يكتب لتلك النساء ظل رجل؟ في حال كنا نساء جميلات الخُلق و والخِلقة ولكن لم يكن لهم نصيب بالزواج!؟
الزواج ما هو إلا نصيب مكتوب في هذه الحياة الدنيا، بمعنى هو من أمر الله تعالى فلا يستطيع إي بشر التحكم به، فالله وحده هو القادر على تغيره والتحكم به لقوله تعالى” ( إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) يس/ 82 . فإن كُتب لإي إمرأة نصيب بالزواج فستتزوج حتى لو كانت في سن اليأس . فيجب على جميع النساء والرجال الإيمان بذلك واليقين بأن الزواج هو نصيب .
ربما لم يكتب لتلك المرأة الزواج أو لم يحن وقته لسبب من الأسباب علمه عند الله، هنا لا ننظر إلى تلك المرأة بأنها ناقصه أو نُشعرها بأن القطار فاتها، لا وألف لا ، هنا يقع الخطأ علينا وعلى سلوكنا مع تلك المرأة فنحن نجرحها ونجعلها تشعر بالنقص ونشارك بإعطائها إشارة أو لمحة بأنها تمرُ بمشكلة ويجب عليها حلها. هنا تقع المرأة المسكينة في وهم ويتم بصورة تلقائية استرجاع الإعتقاد الراسخ في ذهنها بأن الزواج هو الاهم والهدف اللذي تعيش من أجله، فتكبر تلك الفكرة وتأخذ حيز كبير في عقلها ويكون شغلها الشاغل. فتقوم بالبحث عن الحلول على أساس ان تأخر في الزواج أو عدم الزواج في سن معينه هو معضلة كبيرة، والحقيقة بأن الزواج هو نصيب ليست مشكلة وتحتاج إلى الحل عن طريقنا نحن البشر.
هناك في تلك الحالة تخطأ تلك المرأة وتلجأ إلى إي طريق حتى لو لم تتأكد منه، فقد تلجأ إلى الزواج الإلكتروني و ارسال صورها ربما تكون غير ساترة فقط للحصول على زوج، أو يمكن أن تلجأ إلى خطابة وتدفع له مبلغ كبير فقط لكي تتزوج ، فالمهم لديها أن تتزوج وتشعر بعدم النقص،وهنا يتم خداعها فيتم استغلال حاجتها ورغبتها الشديدة بالزواج و الوقع في شرِكَ الآخرين. من وجهة نظري، لا يقع اللوم على تلك المرأة بل على الإعتقادات الراسخةفي مجتمعتنا بإن الزواج هو هدف كل إمرأة، هناك مقولة رائعة للدكتور ابراهيم الفقي رحمه الله ( إن أي شيئ تركز عليه سوف يقرر مصيرك، كن حكيماً وركز طاقاتك على رغباتك الكبيرة في الحياة ).
أشجع جميع النساء بتطبيق تلك المقولة، فالزواج مثلما ذكرت سابقاً ليس لك إي يد فيه ولا تستطيعِ عمل إي شيء بشأنه. فإذا لم يأتي نصيبك فلا تحزني ولا تُركزي عليه، فإن ركزتي عليه العمر كله لن تستطيع فعل شيء، فهو من أمر الله عزوجل، توكلي على ربك ، ركزي طاقتك بعمل خير ومساهمة في بناء مجتمعك ، والسعي لرفعة شأن دولتك. ركزي على أهدافك، حققي أبداعي وعيشي كل لحظة من حياتك استمتعي بها ،وثقي بأن عدم زواجك ليس نقص فيك، لا أبداً فانتي كِفايَةً وإنسانة قوية ورائعة.
نصيحة لكل أم لا تحزني إذا تأخر نصيب ابنتك ، ربما ليس لها نصيب، لا تغضبي عليها وتٌشعريها بنقص والعار وغيره، بل شجعيها على تحقيق أهدافها وشاركيها الفرحة في إنجازاتها ولو كانت بسيطة. ونصيحة لكل أخت سخري طاقتك وتفكيرك في عمل خير أو تطوع أو مشروع فهناك الكثير ما يمكن أن تقومي به، حتى لو كنتي في منزل ،ركزي على تنمية موهبة لديك أبدعي فيها أطلقي العنان لنفسك ،عيشي حياتك واستمتعي بها ، ثقي بنفسك فستجدين في داخلك طاقات وامكانيات لو إستغليتيها بطريقة صحيحة لإحدث تغيراً كبيراً لمجتمعك ودولتك.