قضايا ودراسات

استفتاء موريتانيا

انتهت نتائج الاستفتاء الدستوري في موريتانيا بفوز ساحق لمعسكر الداعمين للتعديلات الدستورية بنسبة نجاح بلغت 85 بالمئة مقابل حوالي عشرة بالمئة لمعسكر الرافضين، ومشاركة في التصويت فاقت ال 53 بالمئة على الرغم من دعوات المقاطعة التي أطلقتها أحزاب المعارضة.
وشهدت الساحة الموريتانية توتراً متصاعداً بعدما رفض مجلس الشيوخ وثيقة التعديلات التي تقضي بإلغائه واستبداله بهياكل جديدة والإبقاء على الغرفة الثانية من البرلمان وإضافة ألوان جديدة إلى العلم ليكون أكثر تعبيراً عن شهداء النضال ضد الاستعمار الفرنسي.
والمعروف أن البرلمان الموريتاني يتكون من غرفتين تشريعيتين على غرار أغلب النظم البرلمانية ذات الغرفة المزدوجة، الأولى هي مجلس الشيوخ والثانية الجمعية الوطنية الموريتانية. وقد وافقت الجمعية الوطنية على الوثيقة في حين رفضها مجلس الشيوخ الأمر الذي دعا الرئيس ولد عبد العزيز إلى طرحها في استفتاء عام.
لكن الذي لفت أنظار المراقبين بشكل خاص هو انتهاء هذا التمرين الديمقراطي الموريتاني بسلام ومن دون أعمال عنف، وخيّب الموريتانيون التوقعات المتشائمة باندلاع اضطرابات على خلفية نتائج الاستفتاء، وليس ذلك بجديد على طبيعة شعب تميز على الدوام بمعالجة خلافاته بأساليب حضارية من دون اللجوء إلى العنف وإراقة الدماء.
فبعد انتهاء الانتخابات الرئاسية في مارس من العام 2007، بفوز سيدي ولد الشيخ عبد الله على منافسه أحمد ولد داداه، طلب الرئيس الجديد من سلفه تمثيل البلاد في القمة العربية التي تزامن انعقادها مع إعلان نتائج الانتخابات، وهي الخطوة التي أثارت دهشة العالم واحترمه العميق.
وعلى الرغم من استمرار أجواء التوتر بين أنصار المعسكرين إلا أنه توتر لا يحمل مؤشرات خطرة وربما يحمل في جوفه إيجابيات تعزز ضرورات عودة الحوار المتعثر بين الحكومة والمعارضة بعدما اكتسبت الساحة السياسية حيوية وقوة دفع جديدتين تتيحان مجالاً أوسع للحركة والمناورة وتقديم التنازلات الضرورية للمضي قدماً في الطريق التصاعدي نحو تحقيق الديمقراطية وتكريسها.
وقد انتبه رئيس كتلة العقد الاجتماعي أحمد سالم ولد حبيبي للفرصة السانحة التي تتيحها أجواء ما بعد إعلان النتائج ودعا كافة أحزاب وتيارات المعارضة إلى بذل الجهود «في سبيل نزع فتيل التوتر، والتخفيف من حدة لهجة بعضنا تجاه البعض.. والعمل على تشجيع النظام على التعقل ونبذ التعنت وتقديم إشارات إيجابية لطمأنته».
وأضاف أنه بهذه الطريقة وحدها «تهتدي المعارضة إلى الطريق الذي ستجد فيه موطئ قدم في تحولات المستقبل القريب. وهو أيضاً ما سيسمح لها بالحضور الحقيقي في المشهد والمشاركة في تصوره وبلورته.. وإلا فمآلها القطيعة والمقاطعة وما يترتب عليهما من تقوقع وسلبية وعزلة».

فيصل عابدون
Shiraz982003@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى