الشباب والباقة والحاسوب
عبد اللطيف الزبيدي
لا يوجد يوم من الأيّام العالميّة المخصّصة لفئة معيّنة، احتفاء واحتفالاً وتكريماً، ومثلها أيّام ميادين شتّى، يجعل الدماغ يلفّ ويدور، كاليوم العالميّ للشباب. الأغلبية الغالبة من شباب العالم العربيّ استثناء على هامش الزمن لا دور له في صنع تاريخ أوطانه. قرابة 250 مليون شابة وشابّ محرومون من حضور الاحتفال بيومهم العالميّ. هل من الحديث عن التنمية مفرّ؟ لكن القضية أبعد من هذا المستوى من التعقيد.
من العسير التفكير في التنمية كحلّ، لأنها في الأوضاع الحاليّة هي المعضلة الكبرى. بل إن المؤسف بكل واقعيّة، هو أن التردّي العربيّ العام، صار يؤثر سلباً في سير تنمية النقاط المضيئة، وهي أصلاً قليلة قياساً على الجغرافيا العربية. تخيّل جسماً لم يبق فيه سوى عضو أو عضوين سليمين قادرين على أداء وظائفهما بحيويّة ونشاط. لكن هذا التوصيف ليس صحيحاً تماماً، لأننا لا نستطيع الحكم، عقلاً ومنطقاً، على تلك الأعداد العظيمة من الشباب، بأنها أعضاء مريضة أو معطوبة، فهي في الحقيقة في حكم الأعضاء المكبّلة غير القادرة على أداء وظائفها، كأنما حقنت بما يشلها عن الحركة والفعل، ولكنها بخير وعافية تعي ما يحدث وتدرك أسبابه وغاياته الخبيثة، ولو انعتقت من قيودها لحقّقت المعجزات.
لا يستطيع أي عاقل أو مجنون إقناعنا بأن بنات العالم العربيّ وأبناءه، فاقدو الطاقات والكفاءات الخلّاقة. محاولات إيهامنا بأنهم معامل تفريخ تطرّف وعنف، وأن المجتمع الدوليّ هو الذي «يناضل» في سبيل اجتثاثهم، خدعة حمقاء لا تنطلي علينا. إذا كانوا قد نجحوا في جرّ آلاف منهم إلى خيانة الخريطة العربية، فإن فكرة رائدة واحدة، تحمل رسالة تنمويّة نبيلة، قادرة على تحريك ذلك البحر المليونيّ بكل عنفوانه نحو إعادة كتابة التاريخ.
المنطلق الجوهري الذي يجب تجديد أسسه، هو احترام مكوّنات الجغرافيا البشريّة، العرقيّة والإثنيّة. هذه هي المركبات التي لعبت على تفخيخها مخططات التقسيم. العالم العربيّ ليس عربيّاً كلّه ولا مسلماً كلّه. السيادة الترابيّة شيء، والتبعيضيّة الإقصائيّة شيء آخر. لا مفرّ من إعادة النظر في الدساتير بحيث لا يبقى أي أثر لما يمكن أن يوحي بمرادفات الاستئثار وإنكار الخصوصيّة. يجب الارتقاء إلى مستوى شطب ذلك في العقول قبل النصوص. استبداد النظرة أقسى من الظلم بالمطرقة. حاضراً ومستقبلاً، لا يمكن ضمان الانتماء قلباً وقالباً، من قبل المكوّنات إذا أرادت الأبواب العالية إلغاء خصوصيّاتها.
لزوم ما يلزم: النتيجة التنسيقيّة: الباقة تحتضن وروداً متعدّدة، والحاسوب مكوّناته عدّة.
abuzzabaed@gmail.com