أعطى كل ما يملك
شيماء المرزوقي
لايزال يعيش بيننا الآباء والبعض من الأجداد، الذين عاصروا إعلان اتحاد بلادنا، بل البعض منهم عاصروا حقباً زمنية قبله. وهؤلاء يملكون كنزاً معرفياً هائلاً ومعلومات ثمينة، وكما يقال في الأمثال «ليس من رأى كمن سمع»، فهؤلاء عاشوا تفاصيل كل شيء، وعاصروا حقبتين في غاية من الأهمية والحيوية. عندما نستحضر تاريخ بلادنا القصير، وأقصد تاريخ الإعلان عن قيام الاتحاد، وإذا قدر لك وجلست مع أي من هذه الشخصيات، وسألتها عن حقبة ما قبل الاتحاد، وما نعيشه اليوم من رفاه وتطور وتقدم، ستسمع كلمات تخرج من القلب. أحدهم وفي جلسة مع أبنائه قال لهم: «كم أنتم محظوظون». وهذه الكلمة تعبر بشكل عميق عما يعتمل في صدره، فكم نحن محظوظون بالرعاية الصحية والاجتماعية، وكم نحن محظوظون بالتعليم الراقي المتطور، وكم نحن محظوظون بكل هذا التطور والتقنيات، وكم نحن محظوظون بسهولة التنقل والتواصل مع العالم بسهولة وبساطة، وكم نحن محظوظون بالعمران والتقدم الحضاري الذي تعيشه بلادنا.
وعندما يقدر لك وتعود للتاريخ القريب تقرأ عن حقبة ما قبل الاتحاد وكيف كانت المياه شحيحة في كثير من الحواضر والتجمعات السكانية، والتي لا يمكن تسميتها بالمدن في تلك الفترة الزمنية، وعندما تقرأ التاريخ القريب وكيف كان الآباء والأجداد، يسافرون وينتقلون من مكان لآخر، ستعلم عندها هول ما حدث وعظمة ما تحقق في غضون أربعة عقود من الزمن.
توجد الكثير من الدول في العالم مضى على تأسيسها وقيامها حقب زمنية طويلة، ولم يتحقق لها ربع ما تحقق للإمارات، ولفهم ما حدث أو السبب، فيجب أن نعود لإرث الشيخ زايد، رحمه الله، مؤسس وراعي هذا الاتحاد، عندها سنجد في هذا الإرث العظيم ليست إجابة واحدة وإنما سجل حافل من الشواهد والبراهين المشرقة الجميلة. في واحد من هذه الشواهد قال الشيخ زايد، رحمه الله: «إنني على استعداد لأن أعطي أكثر مما أعطيت، أعطي لأحافظ على مكاسب المواطنين، أعطي الوطن الذي كبر ونما، أعطي لأحافظ على استقلال كيان الاتحاد من أجل هذا الجيل والأجيال القادمة، سأعطي كل ما أملك وما أقدر عليه من أجل هذه الأرض وهذا الشعب. لا شيء عندي غال بالنسبة للوطن والمواطن وسأكافح من أجل هذا».
واقعنا وما نعيشه اليوم خير برهان على صدق وعمق هذه الكلمات وعلى عظمة قائلها وتفرده وتميزه ونبل أخلاقه وفراسته القيادية، وإخلاصه قولاً وعملاً.
Shaima.author@hotmail.com
Www.shaimaalmarzooqi.com