الطلبة والتواصل الاجتماعي
هشام صافي
حبذا لو اهتمت مراكز البحث العلمي في الجامعات والمؤسسات الحكومية والخاصة، برصد مدى إقبال الطلبة على وجه الخصوص، والشباب عموماً، على مواقع التواصل الاجتماعي، ودراسة حجم تأثرهم بها، واستفادتهم منها أو التعرض للخطر، وبالتحديد أولئك الذين يعيشون مرحلة المراهقة.
صحيح أنه لا يمكن التوصل إلى نتائج حسابية، رقمية، فالقضايا الاجتماعية عادة تعطي مؤشرات، ونتائج احتمالية، وتوقعات، ولا ترقى إلى درجة اليقين بأي حال من الأحوال، لكنها تبقى مطلوبة، وشديدة الأهمية، لأنه بناء عليها يمكن اتخاذ مواقف معينة، تشجيع اتجاهات ما أو التضييق عليها.
في كل الأحوال، مراقبة العلاقات المعقدة بين الصغار واليافعين والشباب ووسائل التواصل الاجتماعي بعالمها اللا نهائي، مهمة وطنية بامتياز، لنستطيع بناء على النتائج المقربة، تشكيل حوائط الصد، وتشجيع مسارات معينة والنهي عن أخرى، والتعرف إلى خبرات الطلبة وقدراتهم على التعامل الإيجابي، البناء، مع مواقع ووسائل التواصل الاجتماعي، والتطبيقات المرتبطة بها، ومدى تطبيق الطلبة لقواعد الاستخدام الآمن للمواقع والوسائل والتطبيقات، بجانب التعرف إلى مدى تأثير هذه الوسائل في الحياة الدراسية والاجتماعية للطلبة، ومدى تأثرهم في مرحلة المراهقة إيجاباً أو سلباً بالعالم الافتراضي لهذه التطبيقات والوسائل والمواقع.
الانتشار الواسع لهذه الوسائل والمواقع والتطبيقات جيد، لكنه سلاح إيجابي وسلبي، ففي الوقت الذي نرتاح فيه لرؤية نتائج إيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي على مسيرة التعليم والتعلم، وتبادل المعارف، فإننا نتخوف في الوقت ذاته من أن استخدام المراهقين لوسائل ومواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت، في غياب التوجيه العلمي السليم والرقابة الواعية، يجعلهم عرضة لمخاطر أكيدة، تضر بهم وتنعكس سلباً على المجتمع بأسره.
يجب أن نتعرف عبر البحوث العلمية المتخصصة والموسعة إلى الحياة الدراسية والاجتماعية للطلبة، لتحديد – ولو بصورة تقريبية – مدى تأثير الواقع الافتراضي لهذه الوسائل في الواقع الحقيقي للطلبة، أعداد أصدقائهم، والقدرة على التعامل مع الناس في الواقع الحقيقي، وخاصة مع الأسرة والمجتمع المدرسي، ومدى تأثير هذه الوسائل في التحصيل العلمي والأكاديمي للطلبة، والتطبيقات والمواقع الإلكترونية الأكثر انتشاراً بين الطلبة والشباب عموماً، والأطفال على وجه التحديد.
مطلوب أن نتعرف ولو بمؤشرات تقديرية، تقريبية، إلى عدد الساعات التي يقضيها الطلبة في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، والأهداف التي يتطلعون إلى تحقيقها، ومدى إلمام الأهل واطلاعهم على كيفية تعامل أبنائهم معها، ومدى معرفتهم بأصول وقواعد التعامل، والاستخدام الآمن، ومدى المخاوف التي قد يشعرون بها أثناء استخدامهم لها.
الشباب في هذه المرحلة العمرية شديدة الخطورة، بحاجة لمن يأخذ بأيديهم ويوصلهم إلى بر الأمان، عبر رفع درجات إحساسهم بالمسؤولية، والارتقاء بمستويات تفكيرهم واهتماماتهم، وتوفير مساحات من القدرة على التعبير الخلاق عن الذات في إطار مجتمعي خلاق وجذاب، ولعل العمل التطوعي يكون أجدر الساحات ليحقق الشباب البسمة لكل من يحتاج إليها.