غير مصنفة

رؤيا خيمة السميح

عبد اللطيف الزبيدي

هل تقلب التنمية الناجحة مفهوم تدرّج مراحل الزمن؟ هل لها اتجاه مختلف لمسيرة الزمان؟ حين تقلع مركبة دولة متحررةً من جاذبية التخلف، وتحلق بسرعات خارقة، يغدو تقدم السنين عنفواناً متجدد الشباب. صدقت رؤيا الفيزياء، فالإمارات، ابنة السادسة والأربعين، تتجلى أبهى طلعة مما كانت عليه في الثلاثين والعشرين.
التنمية الشاملة المستدامة، ليست وصفة تجميل، فهي السرّ السحريّ الذي يجعل البلد يسير عكس اتجاه الهرم. التخلف شيخوخة البلدان، تمسي به الدول طاعنة في السن، غير قادرة على الحركة، مثقلة بأعراض الأمراض، بينما الناهضة مفعمة بالنشاط والحيوية، سريعة الإيقاع في ماراثون المدنيّة والحضارة. إدراك تحوّلات العصر، وإصرار الإرادة على مواكبته، يولّدان الطاقة والقدرة على التخطيط والإنجاز.
سنة 68 أومضت بارقة حلم في ذهني المغفور لهما الشيخين زايد بن سلطان آل نهيان وراشد بن سعيد آل مكتوم، وانبثقت فكرة الانتقال من «الإمارات المتصالحة» إلى «دولة الإمارات العربية المتحدة». بعد ثلاث سنوات، في مثل هذا اليوم، رفرف علم الاتحاد، رفرفة جناحي فراشة سرعان ما أصبحت صقراً، فمركبة فضائية في فضاءات التنمية الشاملة.
في قرية السميح، بين دبي وأبوظبي، نُصبت خيمة للمؤسسين الراحلين زايد وراشد، عام 68، هناك تقرر تحقيق قول أبي الطيب: «وترْكُكَ في الدّنْيا دَوِيّاً كأنّما… تَداوَلَ سَمْعَ المَرْءِ أنْمُلُهُ العَشرُ». هناك تاقت أوتاد الخيمة إلى أن تكون لها قامة قمة برج خليفة. غبطتها السميح فأشرقت لناظريها رحاب الدولة الزاهرة: «وَكَذا الكريمُ إذا أقامَ بِقَرية … سالَ النُّضارُ بها وَقامَ الماءُ». كيف اتسعت تلك الخيمة لأعظم مطارات الدنيا والموانئ والمناطق الحرة في دبي؟ كيف جمعت بين أوسع الأسواق وميادين المال والأعمال، وبين أروع آفاق المعارف في معرض الكتاب ومدينة النشر في الشارقة، مع تجاوب مجلس دوليّ للغة العربية في دبي؟ كيف طاف بخيال الخيمة أن تصبح دولة حاسوبية تقانية ذكية حاضنة للذكاء الاصطناعي؟ كيف لاحت لها جزيرة السعديات وهي تستقبل متحف «اللوفر» في أبوظبي، ليكون تجسيداً للوحدة الإنسانية في التاريخ، ويشع غير بعيد منه مشروع عالميّ رائد للطاقة الشمسية؟ كلّ الإمارات حقائق نهضة. هل في التاريخ خيمة لها مثل هذه الإرادة الحالمة والحلم الطموح؟ لهذا صارت محجة لأكثر من مئتي جنسية، تحتضنهم بأدفأ من أوطانهم، ولا توصيهم بغير التسامح والتآخي وحب الإنسانية وتعانق الثقافات والحضارات.
لزوم ما يلزم: النتيجة المستقبلية:ابنة السادسة والأربعين تتوق إلى عنفوان الشباب حين تبلغ المئة سنة 2071. أيامها وأعوامها أعياد.
abuzzabaed@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى