يوم لَهُن وَدَهْر عَلَيْهن
خيري منصور
لو قدر لأحد الباحثين عن الحقيقة، والأشبه بمن يبحث عن إبرة في جبل من القش، أن يرصد ما يحدث لنساء العالم في يومهن العالمي لوجد أن هناك الملايين ممن لم يسمعن حتى الآن بأن لهن يوماً عالمياً، أو أن هناك من يتصدون لممارسة العنف الذكوري ضدهن!
لكن الضحية ليس من الضروري أن تعرف من يتحرك لإنقاذها خصوصاً إذا كانت ضحية خرساء، شأن ملايين النسوة في أقاصي الريف والبقاع المنسية النائية من هذا الكوكب، وقد لا تكون المرأة وحدها ضحية العنف في عالم فقد توازنه، كما وصفه الكاتب أمين معلوف في كتابه «اختلال العالم»، وهو أن البشرية دخلت إلى الألفية الثالثة ببوصلة معطوبة!
فالعنف الآن ثقافة ومناخ مشحون بالتوتر والعصاب، وثمة ضحايا آخرون غير النساء في مقدمتهم الأطفال الذين يعانون من انتهاك حقوقهم، وحرمانهم من طفولة نظيفة! وقد يكون ضحايا العنف في عالمنا أضعاف ضحايا الحروب لكن ما من إحصاءات دقيقة لأعدادهم وما من رصد دقيق لما آلت إليه أحوالهم ومصائرهم!
وقدر تعلق العنف بالمرأة فهي تستحق أكثر من مجرد الاعتذار، لأنها كانت ضحية أيديولوجيا الذكورة وثقافتها العوراء لآلاف الأعوام، وحبذا لو يعاد نشر كتب شهد أصحابها على ما لحق بالنساء من طراز «الجنس الآخر لسيمون دو بوفوار في مثل هذه المناسبة، كي يتخطى المعنيون أو المعنيات بالأمر، العموميات والتجريد النظري، ومن المفارقات أن ما تتعرض له النساء من عنف في مجتمعات تصنف على أنها الأكثر تمدناً وتقدما قد يفوق ما تتعرض له مثيلاتهن في العالم الثالث، رغم ما حققته المرأة في تلك المجتمعات من استقلال اقتصادي وتحصيل علمي ومساهمة في أهم مناصب الإدارة!
فالأمر أصبح يتطلب تحليلاً نفسياً وإعادة استقراء لواقع تعارضت فيه الوسائل مع الغايات!