غير مصنفة

التضليل في الصحافة الصهيونية

د. فايز رشيد

نعجب لهؤلاء الفلسطينيين والعرب الذين يسمون بعض الصحف والصحفيين الصهاينة بالتقدمية! فمثلاً يعتبر هذا البعض صحيفة «هآرتس» ومن يكتبون فيها بأنهم من اليسار التقدمي!. للعلم، كل من يقبل العيش في دولة الاحتلال الفاشية العنصرية هو صهيوني حتى العظم حتى لو أقسم بكل ما في الدنيا من كتب مقدسة. التقدمي لا يمكنه العيش في هكذا دولة أقيمت على أساس اغتصاب أرض شعب آخر وقامت بتهجيره عنوة إلى المنافي. كمثل على ما أقول، أورد ما كتبه «آفي غباي» في «هآرتس» (30 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي) في مقالته بعنوان «تشرين الثاني، يوم النكبة اليهودية»!، وفيها يقول «سيتم الاحتفال بهذا اليوم في 30 نوفمبر كحدث رسمي في القدس للسنة الرابعة على التوالي، يوم قسمت» أرض إسرائيل «ويوم الخروج وطرد يهود الدول العربية وإيران. كل ذلك وفقاً للقانون الذي تم سنّه في الكنيست في العام 2014.
ويقول «في هذا الحدث يتم إحياء ذكرى تراث مليون يهودي عاشوا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا الذين وصلوا في معظمهم كلاجئين. والآن هم وأحفادهم يشكلون حوالي نصف السكان. احتفالات مشابهة ستجرى في الجاليات اليهودية في أرجاء العالم«المقالة مليئة بالتضليل فهو يستطرد «أن اليهود الذين كانوا يعيشون في الدول العربية، واليهود الذين خافوا على حياتهم في أعقاب تنكيل الحكومات العربية بهم اضطروا إلى ترك دولهم وممتلكاتهم الشخصية والجماعية من خلفهم التي تمت مصادرتها. ثم يصل إلى نتيجة مفادها «يترتب إعادة الحق لليهود الذين خرجوا من الدول العربية».
على شاكلة اختراع «الشعب اليهودي» وفقاً للكاتب اليهودي شلومو ساند في مؤلفه الذي يحمل الاسم ذاته، ووفقاً للمفاهيم الخداعية الزائفة «شعب الله المختار» و«أرض بلا شعب لشعب بلا أرض» و«الحق التاريخي لليهود في أرض فلسطين» واختراع «أرض إسرائيل» التي وصفها المفكر الفرنسي روجيه جارودي ب«الأساطير المضللة للسياسات الإسرائيلية» ووفقاً لاختراع «صناعة الهولوكوست» للكاتب اليهودي نورمان فلنكشتاين طلعت علينا «إسرائيل» والحركة الصهيونية بمصطلح جديد هو: «اللاجئون اليهود». فقد عقد مؤتمر في القدس المحتلة (2-3 سبتمبر/ أيلول 2014) بهدف اختلاق قضية ما يسمى ب«اللاجئين اليهود من الدول العربية» لتكون هذه القضية موازية لقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم المشروع في العودة إلى مدنهم وقراهم.
معروف أن هذه القضية تتفاعل في الأوساط الصهيونية منذ سنوات عدة، إلا أن حكومة نتنياهو في منتصف عام 2009 بدأت في طرحها رسمياً. لقد أورد نتنياهو هذه القضية وركّز عليها في كتابه «مكان تحت الشمس»، لذا فإن طرح هذه القضية من قبل حكومته الحالية لم يكن مفاجئاً. بعد المؤتمر تبنّى مجلس الأمن القومي التابع للحكومة الصهيونية وثيقة سياسية جديدة حول هذا الأمر. توصي الحكومة القائمة والحكومات القادمة بطرح قضية «اللاجئين اليهود» على المستويين الداخلي والخارجي. داخلياً بإثارة هذه القضية بشكل دائم، وقد تم إعطاء الأوامر للسفارات الصهيونية في الخارج لطرحها في البلدان التي تتواجد فيها. وخارجياً بإثارة القضية في المنظمات والهيئات القانونية والحقوقية الدولية. الوثيقة الرسمية «الإسرائيلية» تعتبر أن اليهود في البلدان العربية هجّروا قسراً من بلدانهم.
نرد على ذلك قائلين: من التاريخ الموثق دولياً أن الموساد «الإسرائيلي» قام بتفجيرات في الكنس والأحياء اليهودية في المدن العربية في أواخر الأربعينات وأوائل الخمسينات من أجل إجبار اليهود على الهجرة إلى «إسرائيل». كذلك عقدت «إسرائيل» اتفاقيات سرية مع بعض النظم العربية آنذاك مثلاً: نوري السعيد في العراق، وفيما بعد مع النميري في السودان للعمل على تهجير اليهود الفالاشا إلى «إسرائيل». وكمثل حسّي على هذه الممارسات: حادث تفجير الكنيس مسعودة في العراق عام 1950وإغراق سفينة (إس.إس.باتريا)عام 1940، وكان المشرف على هذا العمل الإرهابي موشيه شاريت رئيس الدائرة السياسية في الوكالة اليهودية آنذاك وإغراق سفينة «إيجوز» عام 1940، وكل ذلك لكسب التعاطف العالمي مع المهاجرين اليهود إلى فلسطين، وإجبار بريطانيا على إدخال كل أعداد المهاجرين اليهود إلى وطننا الفلسطيني.
هذا غيض من فيض الجرائم الصهيونية بحق اليهود في الدول العربية، لإجبارهم عنوة على الهجرة إلى فلسطين. هذه الجرائم بحاجة إلى كتاب لتعدادها، ويأتي من يقول إن اليهود في العالم العربي أجبروا على الهجرة!
وقاحة صهيونية جديدة..تصوروا الخطة الهادفة إلى تبديد حقوق اللاجئين الفلسطينيين، الذين هجّرتهم «إسرائيل» قسراً وبعد مذابح عديدة ارتكبتها بحقهم في مدنهم وقراهم في فلسطين، ولم تعترف بقرار الأمم المتحدة الذي أتاح لهم حق العودة، والذي ربط الاعتراف الدولي ب«إسرائيل» في الأمم المتحدة مقابل قبولها بقرار عودة اللاجئين الفلسطينيين.

Fayez_Rashid@hotmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى