غير مصنفة

مخاطر نقل السفارة

صادق ناشر

الخطوة التي تخطط الولايات المتحدة لتنفيذها، والمتعلقة بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة، والاعتراف بها عاصمة لـ «إسرائيل»، ستفتح أبواباً جديدة للتطرف والانقسام في منطقة لا تنقصها أزمات جديدة، والخطوة بأكملها لا تخدم عملية السلام في الشرق الأوسط، التي تحاول الولايات المتحدة إحياءها من جديد، بعد سنوات من الإخفاق، لأن الطرف «الإسرائيلي» يرفض تماماً خيار السلام الحقيقي والمتكافئ، ويرغب به سلاماً لصالح مطامع دولته وليس سلاماً يؤدي إلى انفراج حقيقي في المنطقة.
من الواضح أن ما تريده «إسرائيل» هو الاستسلام لا السلام، لذلك تستعين بحليفها القوي الولايات المتحدة لتمرير هذه الخطوة بكل الوسائل الممكنة، إضافة إلى استغلالها لانشغال العرب في قضاياهم وخلافاتهم الداخلية، والتي تتجسد في الحروب الداخلية التي يعيشها عدد من الدول العربية، لكن كل ذلك لن يجلب لها السلام، فمن دون سلام حقيقي فإن التطرف في المنطقة سيزداد أكثر وأكثر، وهو ما نبه إليه الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، الذي أشار إلى أن اتخاذ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراراً بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ «إسرائيل» من شأنه أن يعزز التطرف والعنف في المنطقة، ولا يخدم عملية السلام بين «الإسرائيليين» والفلسطينيين.
من المؤسف، وفقاً للأمين العام للجامعة العربية أن يصر البعض على محاولة إنجاز هذه الخطوة دون أدنى انتباه لما تحمله من مخاطر كبيرة على استقرار الشرق الأوسط وكذلك على العالم ككل، وهو بذلك يريد التأكيد على خطورة الخطوة التي يمكن أن تترتب عليها مسألة إقدام البيت الأبيض على إرضاء «إسرائيل» من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية، ضاربة عرض الحائط بكل التحذيرات الصادرة عن جهات عدة داخل الولايات المتحدة وخارجها، فالخطوة إن تحققت لن تخدم عملية السلام، بل ستغذي التطرف في المنطقة لأنها لن تربح منها إلا «إسرائيل»، التي فشلت في انتزاع مثل هذا الموقف الذي يتأهب ترامب لاتخاذه.
مع ذلك فإن هناك من يرى أن ترامب لا يمكنه أن يغامر باتخاذ مثل هذه الخطوة، وقد يتخذ قراراً بتأجيل قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ستة أشهر أخرى، وهو إجراء ظل يتخذه الرؤساء الأمريكيون السابقون تفادياً لوقوع انفجار شامل في المنطقة لن تستطيع الولايات المتحدة أو «إسرائيل» السيطرة عليه أو احتواء مخاطره، والأسوأ أن الخطوة ستؤسس لصراع قادم يدخل المنطقة بأسرها في أتون صراع طويل الأمد، وينهي بذلك فرص تحقيق سلام حقيقي، وفقاً للمبادرة العربية التي تم تقديمها في قمة بيروت عام 2002.
خطوة الاعتراف بالقدس عاصمة ل «إسرائيل» لا تلقى أي تأييد من أية دولة سوى الولايات المتحدة، لأن العالم يدرك أن مثل هذه الخطوة لن تجلب للمنطقة سوى الخراب والدمار، وتنسف كل الجهود التي تبذل من أجل إحياء عملية السلام بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين»، وبالتالي رؤية المنطقة بعيدة عن أجواء عدم الاستقرار كالذي تعيشه اليوم، في ظل بطش قوات الاحتلال «الإسرائيلي» بالشعب الفلسطيني، الذي تم احتلال أرضه بالقوة بتواطؤ بريطاني – أمريكي، يدفع الفلسطينيون ثمنه حتى اليوم.

sadeqnasher8@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى