غير مصنفة

معركة القدس

فيصل عابدون

المطلوب الآن أن تتعاظم الضغوط العربية والدولية، فالإدارة البراغماتية للرئيس دونالد ترامب ستدرك في النهاية أن القدس ليست قضية للمساومة ولا تنطوي على أي مساحة للمناورة، كما أنها لا تقبل الحسابات الخاطئة. الرئيس ترامب رجل واقعي وهو يسعى للفوز ولا يرغب في الخسارة، وسيدرك بسرعة أن المضي قدماً في قراره المتحيز بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بالسيادة «الإسرائيلية» على المدينة المقدسة لن يجلب له غير الخسائر الكبيرة التي لا يمكن تحملها ولا تعويضها ولا تبريرها للشعب الأمريكي.
الولايات المتحدة ليس لديها مصلحة في سلب القدس وتسليمها للاحتلال، ليس لديها مصلحة في الوقوف وحيدة من دون حلفاء في مواجهة العالم وقوانين الشرعية الدولية التي تعترف بالسيادة الفلسطينية على القدس. لقد تفادى كل الرؤساء الأمريكيين الخوض في قضية القدس رغم انحيازهم الظاهر والباطن ل «إسرائيل» لأنهم أدركوا بوضوح أن القدس هي آخر الطريق ونفاد الصبر، وهي الفتيل الذي سيشعل المنطقة. تفادى الرؤساء الأمريكيون أن يؤدي التورط في هذه القضية إلى تحويل الولايات المتحدة إلى دولة منبوذة بين الدول، وطالبت الإدارات الأمريكية على مر السنوات أن يتم تحديد وضع القدس من خلال المفاوضات بين الفلسطينيين و«الإسرائيليين» وليس عبر اعتراف أحادي الجانب.
والمطلوب اليوم أن تتخذ الدول العربية والإسلامية قرارات كبيرة تضع الإدارة الأمريكية أمام مسؤولياتها التاريخية وفي صورة الوضع حول حجم المكاسب والخسائر الناجمة عن أي قرار بسلب المدينة المقدسة وتسليمها لسلطات الاحتلال.
وتؤكد القيادات الفلسطينية أن «اعتراف ترامب بالقدس عاصمة ل«إسرائيل» لن يغير من مكانتها القانونية التي ضمنتها الشرعية والقانون الدولي، بل على العكس ستضع أمريكا نفسها في معزل عن المنظومة والإرادة الدولية بمخالفة صارخة لمبادئ القانون الدولي، وسيخرجها ذلك من عملية التسوية».
وتوضح أيضاً أن «إدارة ترامب في حال أقدمت على أي من الخطوات التي يتم الحديث عنها حالياً تجاه القدس فإنها سوف تجبر القيادة الفلسطينية على اتخاذ إجراءات فورية في المقابل تفقدها مسؤولياتها وموقعها إزاء العملية السياسية ورعاية عملية السلام».
هذه التحذيرات تكتسب قوتها القصوى عندما تصدر بشكل جماعي عن كافة العواصم العربية والإسلامية. وهي رسالة لا مجال للالتفاف حولها أو استيعابها بطريقة مختلفة. وتقول الرسالة بوضوح إنه إذا كانت إدارة الرئيس ترامب قادرة على المخاطرة بخسارة مكاسبها السياسية وفي مقدمتها احتكار جهود الوساطة في هذا النزاع الذي يشغل العالم برمته، دون أي أمل في مكاسب أياً كانت، فيجب أن تصدر قرارها غداً بقوة ودون مراوغة. أما إذا لم تكن واثقة مما يمكن أن يجره مثل هذا القرار على مصالحها الحيوية فلن تصدره أبداً.

Shiraz982003@yahoo.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى