غير مصنفة

«تمكين المرأة».. الاستحقاق والحساب

مارلين سلوم

مؤتمرات كثيرة ومنتديات وقمم عقدت على مر السنوات الماضية، لتبحث في شؤون المرأة وأحوالها عالمياً، لكن الختام يكون في كثير من الأحيان ختاماً لجلسات وكلمات واستنتاجات تكتب على أوراق الندوات تطوى في دفاتر التاريخ. من هنا تأتي «القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة» وكأنها تمشي في الاتجاه المعاكس، فتبدأ من حيث ينتهي الآخرون، لتعلن تميزها باتخاذها قرار «التعهد» العلني والالتزام بكل قرار يصدر عنها، على أن يكون الحساب علنياً أيضاً بعد عامين.
هذه القمة التي تستضيفها إمارة الشارقة ليومين (أمس واليوم)، وتنظمها مؤسسة «نماء للارتقاء بالمرأة» بالتضامن مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة، تنظر إلى المدى البعيد، ساعية إلى تحقيق التمكين الاقتصادي للمرأة بشكل حقيقي في عام 2030. ولعل أهم مميزات القمة أنها تتضمن «التعهد» الذي يلزم قطاعات الأعمال والمجتمع على التقيد به والتوقيع عليه من أجل الوصول إلى تحقيق المساواة فعلياً بين الجنسين إضافة إلى دعم المرأة.
تمكين المرأة لا يأتي بدعمها حين تنطلق في مسيرتها المهنية فقط لتستطيع تحقيق ذاتها وإثبات قدراتها والمنافسة بثقة وقوة من أي موقع كانت.. بل من المفترض أن يكون دعماً كاملاً، يفك قيودها المجتمعية، يحررها من «العبودية» في بعض الدول لتحصل على حقها في التعلم، حيث ما زال هناك 76 مليون فتاة بلا تعليم في العالم. ومنحها الحق في منافسة الرجل على أي منصب وظيفي طالما أنها تتمتع بالقدرة والمؤهلات التي تخولها الوصول إلى هذا المكان، حيث هناك 80 مليون عاطلة عن العمل أيضاً عالمياً.
فإذا كانت المرأة تشكل 49% من القوى العاملة، فلماذا لا تُفتح أمامها كل الأبواب لتتمكن من تحقيق ذاتها والتقدم مثلها مثل الرجل في كافة المهن والوظائف وحتى على مقاعد الدراسة والتعليم؟
لماذا مازال هناك من يتمسك بالتمييز العنصري بين الأنثى والذكر، وهو يعلم جيداً أن الفتاة أكثر جدية وقدرة على التفوق في التحصيل العلمي من الشاب؟ وهنا أيضاً لا يجدر بنا المطالبة بتمييزهن عن الذكور كي لا نقلب دفة الميزان مرة أخرى، بل المطلوب «العدالة» في منح الحقوق، والتعامل، وفي إصدار القرارات.
القمة اليوم تضع كل المسؤولين أمام استحقاق حقيقي، فالأوراق تُلزم المتعهدين على تنفيذ البنود والإجراءات التي تعهدوا بإتمامها قبل عام 2019، حيث يأتي موعد الحساب مع انعقاد النسخة الثانية من القمة العالمية للتمكين الاقتصادي للمرأة، ليتم الإعلان عن النتائج، علماً أن «نماء» وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ستتوليان متابعة تلك الإجراءات وتنفيذها.
لا تنطبق معاناة المرأة مع المساواة في كثير من دول العالم مع حالها في الإمارات، حيث إن أكثر من 70% من الطلبة في الجامعات إناث، والدولة تدعم المرأة في كل المجالات وتثق بقدراتها كمسؤولة ووزيرة وعاملة وموظفة وطالبة.. لكن هناك الكثير من النسوة حول العالم ما زلن يتعرضن للتجاهل والعنف والقهر، ونتمنى أن يحمل عام 2019 إليهن الانتصار الحقيقي لا الانكسار.

marlynsalloum@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى