غير مصنفة

بلفور بأسماء مستعارة

خيري منصور

احتفل الرئيس الأمريكي ترامب على طريقته بمئوية بلفور، والشموع التي أطفأها ليست على مائدة يتحلق حولها المحتفلون، بل هي شموع كانت مضاءة في نفق طويل ليس له نهاية اسمه نفق السلام!
ومن كان لديهم بقية من رجاء أو رهان على القاضي الذي أصبح غريباً توقعوا في ربع الساعة الأخير أن الرئيس ترامب سوف يعلق القرار مرة أخرى، لكن القرائن التي أحاطت بالقرار والتوقيت السياسي دفعا المراقبين إلى التأكد من أن القرار سيعلن بصيغة نهائية وصريحة، وسيكون أشبه برصاصة الرحمة التي تطلق على سلام ناقص وأعرج، اسمه أوسلو. لا نعرف بالضبط كم قرأ ترامب من تقارير مستشاريه والعاملين في إدارته قبل أن يوقع قراراً تردد كل من حلوا في البيت الأبيض قبله بتوقيعه، وغاب عن الرئيس الشغوف بالمفاجآت الدراماتيكية والاستعراض المشبع بالنرجسية أن التاريخ ليس طيّعاً وداجناً إلى هذا الحد بحيث يستجيب لمن يعيدون إنتاجه أو التلاعب بوقائعه، وكذلك الجغرافيا، فالعواصم لا تُعين كالموظفين ولا تُعتمد كالسفراء، إنها ذات جذور ضاربة في عمق التاريخ والجغرافيا معاً، والقدس لم تكن عاصمة طارئة أو بوعد من لورد أنجلوساكسوني لفلسطين، لأنها عربية بكل ما يرشح من حروف اسمها. ولو قرأ الرئيس ترامب قليلاً مما كتبه مستشرقون ورحالة من بلاده وغيرها لما حرك قلمه كالسكين وهو يوقع على قرار مضاد لكل ما هو تاريخي وإنساني وقانوني وأخلاقي! فالقدس ليست قبعة تصلح لأي رأس، والعبث باسمها وما تعنيه لمليارات البشر هو استخفاف بالعالم كله.
فهل وضع ترامب تل أبيب في كفة وما تبقى من هذا الكوكب بدوله وشعوبه في كفة أخرى؟
لم يسبق لرئيس أمريكي أن ورّط بلاده بقرارات من هذا الطراز ورحم الله من قال: خامل الذكر خير من صاحب الذكر الذميم!

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى