غير مصنفة

الطارئ في حالة الطوارئ

عبد اللطيف الزبيدي

لماذا اجتمعت الجامعة العربية، وبعدها منظمة التعاون الإسلامي؟ أليس لأن الظرف الطارئ يشغل العالمين العربي والإسلامي؟ كنا نتمنى أن يلتئم الشمل لإطلاق سوق مشتركة تشع بتجارة بينية من إندونيسيا إلى المغرب الأقصى، فإذا الأمر مقاربات متباينة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مأساة القضية الفلسطينية والمسجد الأقصى. ذلك أقصى ما يمكن أن تفعله المنظمتان بعد قرن بلفوري.
أحد أمرين لا ثالث لهما: إما لماذا يجتمعون إذا كان الأساس«أنا أولاً»؟ وإما لماذا ذهبت كل اللقاءات السابقة هباء منثوراً، إن كانت لوجود المنظمتين ضرورة وجود، وهدف جامع منشود؟ مؤتمرات رفع العتب جعلت الكتلتين لا أحد يأخذ مواقفهما على محمل الجد، هما في العدد سبع وخمسون دولة، ولكنهما في التعداد مليار ونصف المليار إنسان، وكان المتوقع دائماً أنهم مثل جريد النخل اليابس، سريع الاشتعال، سريع الانطفاء.ذاكرة الشعوب لا يستهين بها إلا مغيب عن دور المعنوي في مسرح وقائع التاريخ.كيف يريدون أن تنسى الشعوب قرن عدوان، بينما لم تنس «إسرائيل» خيبر، بعد مرور خمسة عشر قرناً عليها؟ وماذا عن قول الجنرال الفرنسي «جورو»: «ها نحن عدنا يا صلاح الدين»؟
في المظالم التاريخية، ما لا يُحل حلاً عادلاً، تبقى مشكلته قائمة ولو طال المدى، ولا يسقط الحق بالتقادم. ما لا يقبل الإهمال هو أن هذا المؤتمر الإسلامي الطارئ، يعني التعبير عن ظلم وقع على 1.5 مليار عربي ومسلم، وأن موازين العالم وهوان القانون الدولي، سمحت لترامب بالتوقيع على وثيقة تمثل الاستهانة بوزن 57 دولة، كأن لا ثقل لها مجتمعة، وأن بضعة ملايين من «الإسرائيليين» يجوز لهم بقوة الولايات المتحدة، اغتصاب أي حق من الحقوق المادية الجغرافية والتاريخية، وكذلك المعنوية الإيمانية لتلك الدول.أليس هذا عين الاستفزاز والاستثارة والتحريض على ضرب عرض الحائط بالسلام العالمي؟ كيف أيقنت واشنطن أن الدول العربية والإسلامية لا تكترث لمعنويات شعوبها، ولا تدرك أن المعنويات ركن ركين في معادلات السياسة والسيادة والأمن القومي والسلام الاجتماعي؟«حذار فتحت الرماد اللهيب».
المعضلات أشد تعقيداً في العالم العربي، فإضافةً إلى القضية الفلسطينية والقدس، تنظر الشعوب بريبة وسخط إلى إكراهها على عدم اللحاق بالعصر، ومنعها من المنعة والتنمية الشاملة.في نهاية المطاف، ستكون الغاصبة قد جرت الويلات على الولايات، جعلتها لا أحد يثق بها.
لزوم ما يلزم: النتيجة المنسية: لم يحسب ترامب حساباً لاحتمال الانتقال من الكهف إلى الانفطار.
abuzzabaed@gmail.com

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى