شكراً.. جيمي ويلز
يوسف أبولوز
مؤسف ما ذكره «جيمي ويلز» مؤسس ورئيس موسوعة «ويكيبيديا» في حوار معه «الشرق الأوسط 2017/12/18»، فقد قال، إن المحتوى العربي في «ويكيبيديا» قليل والمجتمع الخاص به وكذلك ما ينشر أو ما يتم تحريره قليل أيضاً في الموسوعة، التي تعتبر واحدة من أهم خمسة مواقع إلكترونية في العالم، ويرى «ويلز» أن اللغة العربية بها قوة وثراء لغوي، ويشير بإعجاب إلى التنوع الثقافي في الدول الناطقة بالعربية، وأكثر من ذلك يبدي الرجل الذي أوجد «مجتمعاً ويكيبيدياً» أمله أن تتضاعف الجهود لإثراء الموسوعة الإلكترونية بمحتوى قائم على اللغة العربية «.. كما هو الحال في اللغات الأخرى..» بحسب ما قال.
كأننا أمام حديث لشخصية إعلامية عربية «تتحسر» على محتوى ضعيف في موقع عالمي يستفيد منه ملايين البشر في جهات الأرض، ويتحسر أكثر من ذلك على الثراء اللغوي القوي في لغتنا العربية، وبالطبع، يعود هذا الموقف للرجل من معرفته بتراث وتاريخ لغتنا، الأمر الذي يؤهلها بجدارة أن تكون ذات محتوى أقوى لا يقل عن لغات العالم في موسوعته العالمية.
من بإمكانه أن يغذي «الويكيبيديا» بمحتوى عربي قوي؟؟ الأفراد أم المؤسسات أم الحكومات؟؟، وكما يلاحظ القارئ الصديق، فنحن نتحدث عن حوار «جيمي ويلز» في وقت نسعى فيه كتّاباً ومسؤولين وأكاديميين وإعلاميين إلى إعلاء شأن لغتنا الأم بكل وسائل مهنية ممكنة.. وبأصوات غيورة على العربية يضاف إليها – للمفارقة- صوت «ويلز».
ينبه، أيضاً، مؤسس «الويكيبيديا» إلى أن الموسوعة الإلكترونية لا تصلح أن تكون مرجعاً أكاديمياً أو علمياً للباحثين، وينصح الصحفيين بعدم الاقتباس منها.. ويقول بشجاعة مهنية، إنه على الصحفي أن يكون عالماً بكل شيء، وأن يكون متسائلاً، وإذا استخدم الصحفي «الويكيبيديا» فمن باب التساؤل وإثارة الأسئلة والبحث عن المصادر بشكل أوسع وأدق.
نورد هذا الكلام الحرفي والمهم في ظل استسهال الكثير من الصحفيين للمادة التي يشتغل عليها من دون العودة إلى المصادر من موسوعات ومراجع وأمهات الكتب والبحوث والدراسات المحكمة، وقد اعتمد في الكثير من الأحيان «كلياً» على المادة الإلكترونية أو الكمبيوترية، أي أنه يعتمد على أرشيف في حقيقة الأمر، ولكن هذا الأرشيف قد يحمل الكثير من الأخطاء العلمية، وبالتالي، تنتفي عنه صفة المصدر.
«الويكيبيديا» ليست مصدراً؛ بل هي نافذة معلومات ويتوجب دائماً أن تخضع هذه المعلومات للفحص والتدقيق والمراجعة، وهذا ما يؤكد عليه مؤسسها ورئيسها وهو مطمئن تماماً إلى مهنيته وصدقيته ما يعني احترامه على هذه الصدقية، واحترامه أيضاً على ثقته الثقافية بلغتنا العربية، وهو يعرف أن تفعيل المحتوى العربي في موسوعته هو استثمار عالمي في لغة يقرأ بها الملايين من عرب ومسلمين ومستشرقين، وأكاديميين متخصصين في جامعات ومراكز بحث مرموقة.