«مكانس» التواصل الاجتماعي
ليونيد يبيرشدسكي *
أتاحت شبكة مواقع التواصل الاجتماعي فرصاً لا حصر لها للنشر بعيداً عن قيود المطبوعات الرسمية وأعين الرقيب، حتى أصبحت مرتعاً لكل من هب ودب تجمع بين غث المحتوى وسمينه.
ووسط هذا الكم الهائل من البيانات أفرزت التجربة متضررين من تعرض مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي لسمعتهم أو لعلاماتهم التجارية على الصعيد الشخصي، بنشر وتلفيق الأخبار الكاذبة، ومعارضين على الصعيد الرسمي من الحكومات التي تتخذ مواقف مبدئية من قضايا مثل حقوق الإنسان ومكافحة الإرهاب والغش التجاري والقائمة تطول.
ونتيجة لذلك وجدت الشركات الكبرى ومنها جوجل وفيسبوك نفسها مضطرة للاستجابة، سواء لمطالب حكومات الدول التي تنشط فيها أو لمطالب عملائها من كبار المعلنين حرصاً على رضاهم، باعتبارهم مصدر العائدات الرئيسي لهذا النوع من الأنشطة.
وبينما سعت هذه الشركات للحد من تدفق المعلومات المؤذية وضبط مصادر البيانات المسيئة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كان المبدعون في بعض الشركات الناشئة بالمرصاد لهذه الموجة، حيث تمكنت من فرض منتجها على الشركات التي تدير منصات التواصل الاجتماعي، وعلى المتضررين من فوضى النشر معاً. ولم تكن تلك المنتجات سوى برمجيات أو «مكانس» لتنظيف محتواها سواء بمنع وصول البيانات المسيئة إلى منصات التواصل أو بمسحها وإزالتها بمجرد ظهورها عليها.
وتتعدد مهام هذه الشركات الناشئة تبعاً لحاجات السوق. فشركة «كريسب» مثلاً التي يعمل فيها 120 موظفاً، وتتعاقد مع 300 خبير للتدريب على تقنياتها، تنشط في مجال مساعدة منصات التواصل الاجتماعي على معالجة الأضرار التي تصيب ضحاياها جراء نشر الأنباء الكاذبة، من خلال لوغاريتم يتحرى محتوى الإنترنت، بما في ذلك الصفحات السوداء،بحثاً عن الغزاة الذين ينفثون المحتوى المسيء عبر الشبكة.
أما شركة «نيو نوليدج» التي أسسها مدوّن محترف اسمه جوناثان مورجان، فتحتل المركز الأول على قائمة «المكانس» الشبكية التي تتابع أنشطة الإرهابيين. وتتقاضى الشركة مبالغ ضخمة لقاء عقود تنظيم حملات لدعم منظمات العدالة الاجتماعية من خلال توضيح الأساليب التي يتبعها القراصنة في إفساد المحتوى. كما تتعاقد مع شركات تملك علامات تجارية بارزة على متابعة كل ما ينشر حول تلك العلامة التجارية ويسيء لمنتجاتها. وقد تضاعفت عوائد الشركة خلال الأشهر الستة الماضية منذ بدأت في تنفيذ عمليات تنظيف البيانات باستخدام تقنيات لكشف الروبوتات، وتعطيل نشر المواد المسيئة عن طريقها بعدة لغات، حيث يمكنها تغيير اللغة التي يتم تداول الموضوع بها.
وبمرور الزمن تتعدد حاجات البشر بتعدد أنماط التطور التي تطرأ على حياتهم. ويبقى الابتكار الملاذ الآمن لدرء المفاسد وتحقيق المكاسب.
* «بلومبيرج»