غير مصنفة

عمالة الأطفال في أفغانستان.. مأساة إنسانية

دوريان بيترز*

وقع ما يصل إلى نصف الأطفال العاملين في مقاطعة بلخ بأفغانستان، ضحايا لاعتداءات جنسية خطيرة، وفق ما خلصت إليه دراسة حديثة.
كشف تحقيق أجرته المنظمة الأفغانية للبحوث والدفاع عن حقوق الإنسان، أن ما بين أربعة وخمسة أطفال من كل عشرة، عانوا سوء المعاملة. وقال الباحثون، إن الكثير من الاعتداءات لم يبلّغ عنها، بسبب شعور الضحايا بالخجل. وقالوا إن شيوخ المجتمع والزعماء المحليين أيضاً، كانوا يرفضون ذكر أسماء المعتدين، خوفاً من أن يُعتدى عليهم.
وقال فردين (هذا ليس اسمه الحقيقي، 15 عاماً)، من كمربند بابا يادغر، في مدينة مزار الشريف، إنه تعرض للضرب والاغتصاب، بينما كان يعمل في سوق المدينة.
وقال: «إني أعمل وأجر عربتي في السوق دائماً، لأن والدي شديد المرض.. وعندما ألمح شخصاً يشتري حاجيات أركض نحوه، وأسأله إن كان يريد مساعدة في حملها.
وذات يوم رأيت رجلاً كان قد اشترى خضاراً ومواد أخرى، وعرضت عليه حملها إلى منزله. سألني كم آخذ أجرة عنها، وعندما قلت له 20، وضع حاجياته في عربتي وطلب مني أن أتبعه. مضينا إلى منزله، وطلب مني أن أنقل الحاجيات إلى الداخل، ولكن حين خطوت إلى داخل المنزل، كان هناك رجلان آخران، وبدلاً من إعطائي الأجرة، أمسكوا بي، وجروني إلى داخل حجرة، حيث أقفلوا الباب وضربوني. صرخت كثيراً ولكن لم يأت أحد. طرحوني على الأرض، ونزعوا ملابسي، وأوثقوا يدي واغتصبوني».
أجرت المنظمة الأفغانية للبحوث والدفاع عن حقوق الإنسان، التي تعمل في مقاطعات أفغانستان الشمالية منذ عام 2010، دراستها عن إساءة معاملة الأطفال بين يونيو/ حزيران، وأغسطس/آب 2017. وقابل الباحثون ما مجموعه 906 أطفال، من خمس مناطق في بلخ، من بينها نهر شاهي، وبلخ، ودهدادي، وشولغاراه، وخولم.
وقد أكد ريشا جاويد، الناطق باسم المنظمة غير الحكومية، أن العديد من الأولاد، تكتموا على الاعتداءات خوفاً من إلحاق العار بعائلاتهم. واستجابة للدراسة، قام معهد الإبلاغ في الحرب والسلام (آي دبليو بي آر، الذي مقره في لندن)، بتحقيق خاص به، وقابل عدداً من العاملين الأطفال داخل وحول أسواق جامع الروضة الشريفة في مزار الشريف؛ رابع أكبر مدينة في أفغانستان. وكان كثير من الأطفال راغبين في الحديث عما عانوه.
وقال جميل، وهو ماسح أحذية في المدينة عمره 13 عاماً: «إني أعمل حول المسجد منذ عامين. وأعمل كل يوم من الساعة السابعة صباحاً حتى المساء. لدينا سبعة أفراد في عائلتنا، ولأن أبي كبير في السن، ولا يقدر على العمل، فأنا الشخص الذي عليه أن يكسب المال لشراء الطعام. لا أذهب إلى المدرسة؛ إن فعلت، من أين تحصل أسرتي على الطعام؟ والدتي أيضاً تتسول في المدينة لكسب النقود».
ومضى جميل يشرح كيف كان قد اعتُدي عليه جنسياً بينما كان عائداً إلى البيت ذات مساء.
وقال أحمد وحيد حبيبي، رئيس المساعدة القانونية في إدارة تأهيل الأحداث في المقاطعة، للصحفيين، إن العاملين الأطفال يشكلون هدفاً سهلاً.
وأضاف، أن المجرمين كثيراً ما يرغمون الأطفال على الانضمام إلى عصابات النشل، وعمليات تهريب المخدرات، وأن الفتيان أنفسهم كثيراً ما يستغلون جنسياً.
وقال، حتى الآن في هذا العام، جرى إبلاغ النيابات العامة عن ثمانية أولاد، و14 بنتاً تعرضوا لاعتداءات جنسية. وقال ذاكر رسولي، رئيس برنامج دعم الطفل التابع لقسم العمل والشؤون الاجتماعية في بلخ، إن عمل الأطفال، مشكلة قائمة منذ أمد طويل.
وقال إن دراسة حديثة، في مزار الشريف، وجدت أن أكثر من ألف طفل يعملون في أعمال مختلفة تتراوح بين بيع الآيس كريم، والفواكه والخردة المعدنية، وجمع الزجاجات لإعادة التدوير، وما يقرب من ثلثهم لم يلتحقوا بالمدارس على الإطلاق.
وقال إن الدراسة أظهرت مدى ضخامة هذه القضية.. فالفقر وضعف فرص العمل، يجبران الأسر على إرسال أطفالها للعمل، مما يعرضهم للاستغلال. ووجد البحث أن أطفالاً في سن السابعة يعملون في الشوارع، ويكسبون من 30 إلى 300 أفغاني (4.5 دولار أمريكي) في اليوم. ولكن على الرغم من الأدلة الدامغة، فإن بعض المسؤولين لا يرغبون فيما يبدو، في الخوض في القضية.

*صحفي أفغاني
موقع: يوراسيا ريفيو

Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى