سباق آسيوي في الفضاء
آلان بويد*
أخذت القوى الآسيوية الكبرى، وهي أساساً الصين واليابان والهند، تعزز قدراتها الفضائية – بما فيها قدرات يمكن استخدامها لأغراض عسكرية.
تواصل كوريا الشمالية استعداداتها لإطلاق قمر صناعي للاستطلاع أكثر تطوراً ومجهزاً بقدرات مسح ضوئي بدرجة وضوح عالية، ما يهدد بتحويل سباق الفضاء الآسيوي إلى المجال العسكري.
وفي الوقت الراهن، تعمل كوريا الشمالية لإطلاق قمر صناعي مخصص لاستطلاع الأرض وسيمكنها لأول مرة من جمع معطيات تنقل من الفضاء إلى مراكز استقبال على الأرض، ما يجعلها قادرة على جمع معلومات استخباراتية فورية بشأن ضربات صاروخية محتملة.
وهذا لن يجعل كوريا الشمالية قادرة تكنولوجياً على نشر أنظمة أسلحة في مدارات حول الأرض، ولكنه سيثير قلق القوى الآسيوية الرئيسية – الصين والهند واليابان – التي تستثمر بدورها موارد طائلة من أجل تعزيز قدراتها الفضائية.
وأحد العناصر الرئيسية التي تحرك برامج الفضاء الآسيوية هو التنافس في سوق ناقلات الطاقة الصوتية من الفضاء، وهو سوق تبلغ قيمته حاليا 300 مليار دولار ويتوقع أن تتضاعف بحلول العام 2030 إذا استمرت معدلات الطلب الحالية.
والتحول في السنوات الأخيرة نحو صنع وإطلاق أقمار صناعية مصغرة – يقل وزنها عن 20 كلج – شجع دولاً مثل باكستان، وسنغافورة، وكوريا الجنوبية وفيتنام على اقتحام هذا الميدان الذي تتصدر النشاط فيه اليابان والصين، وكذلك الهند منذ وقت قريب.
وفي ديسمبر/كانون الأول، أطلقت اليابان لأول مرة قمرين صناعيين إلى مدارين مختلفين، في استعراض لتقدم تكنولوجي يهدف إلى تخفيض أكلاف إطلاق أقمار صناعية، وبالتالي كسب عقود مع شركات خاصة.
وفي مطلع يناير/كانون الثاني، أجرت الهند تجربة ناجحة لاختبار صاروخ يمكنه حمل قمر صناعي يزن 4 أطنان إلى مدار حول الأرض. وفي 2017، كانت الهند قد نجحت في إطلاق 104 أقمار صناعية مختلفة الأحجام في عملية إطلاق واحدة.
أما الصين، فهي تغذي طموحات كبيرة، بما فيها إنزال مركبات وأجهزة علمية على سطح القمر خلال العام الحالي. ويتوقع أن تنفذ الصين خلال العام الحالي أيضا حوالي 40 عملية إطلاق إلى الفضاء من أجل تعزيز اتصالاتها في المقام الأول.
وفي الواقع، تخوض كل من الهند واليابان سباق فضاء غير معلن مع الصين يتجاوز التنافس التجاري، ويشكل أيضا رداً على أنشطة كوريا الشمالية الصاروخية والفضائية.
ومع أن الجانب العسكري للصناعة الفضائية في آسيا يبقى دفاعياً أساساً، إلا أنه يصبح أكثر فأكثر فاعلية.
ويؤكد الثلاثي الآسيوي المكون من الصين واليابان والهند أنهم يطورون تطبيقات عسكرية فقط في الفضاء وليس أسلحة – ولكن يستحيل التحقق من ذلك، لأن برامجهم الفضائية أخذت تغلف أكثر فأكثر بالسرية.
جدير بالذكر أن مصطلح «عسكرة الفضاء» يشير إلى أي نظام يعزز قدرات القوات المسلحة في مسرح تقليدي، مثل الاتصالات، والمراقبة، وجمع المعلومات الاستخباراتية، في حين أن مصطلح «تسليح الفضاء» يشير إلى نشر أسلحة في الفضاء الخارجي أو في مواقع على الأرض تتيح استخدام مثل هذه الأسلحة لمهاجمة وتدمير أهداف في مدارات حول الأرض.
ومعاهدة الفضاء الخارجي الدولية (واسمها الرسمي معاهدة المبادئ المنظمة لأنشطة الدول في ميدان استكشاف واستخدام الفضاء الخارجي) التي تبنتها الأمم المتحدة والتي تشكل أساس القانون الدولي للفضاء، تحظر نشر أسلحة دمار شامل في الفضاء، ولكن الولايات المتحدة أحبطت المساعي لفرض حظر صريح على نشر أسلحة تقليدية في الفضاء، قائلة إنها «تحتفظ لنفسها بحق حرية العمل في الفضاء».
وهذا طبعاً أثار قلق روسيا والصين، ودفعهما إلى خوض نشاط عسكري في الفضاء. والهند أيضاً أخذت تقتحم هذا المجال.
*كاتب في موقع «آسيا تايمز»