الجريمة الإلكترونية في إفريقيا تتفاقم
مارك شو*
على الرغم من أن التكنولوجيات المحمولة تحوِّل المجتمعات الإفريقية بشكل رئيسي إلى أشكال من الترابط والاتصال، فإنها حولت إفريقيا أيضاً إلى مصدر وهدف للأنشطة غير المشروعة عبر الإنترنت.
التطور السريع للتكنولوجيا، يُحسّن حياة الناس، ويتيح لهم عمليات أكثر فاعلية في القطاعين العام والخاص. ولكن التحديات التي نجمت كنتيجة مباشرة لذلك، يمكن أيضاً أن تقوّض التقدم وتعرِّض المستخدِمين لنشاطات غير مشروعة عبر الإنترنت.
قبل عام 2000 كانت إفريقيا لا تستضيف إلاّ 4.5 مليون مستخدِم للإنترنت. ومنذ ذلك الحين، تم تحرير أسواق الاتصالات السلكية واللاسلكية، وأصبحت التكنولوجيات المتنقلة متاحة بأسعار معقولة على نحو متزايد. واليوم، هنالك ما يقرب من 400 مليون مستخدِم للإنترنت في القارة.
ووفقاً لتقرير صدر عام 2016 عن «المنتدى العالمي حول الخبرات السيبرانية»، يُقدَّر أن صناعة التجارة الإلكترونية في إفريقيا ستكون بقيمة 75 مليار دولار بحلول عام 2025. ولكن، على الرغم من أن التكنولوجيات المحمولة تحوِّل المجتمعات الإفريقية بشكل رئيسي إلى أشكال من الترابط والاتصال، فإنها حولت إفريقيا أيضاً إلى مصدر وهدف للأنشطة غير المشروعة عبر الإنترنت. ووفقاً لأحد التقارير، في عام 2012 ازداد عدد الهجمات الإلكترونية (أو السيبرانية) الموجهة في إفريقيا بنسبة 42% عن السنوات السابقة.
ومع زيادة الفرص في القارة، ازدادت المخاطر المصاحبة لها أيضاً. وأصبحت إفريقيا أشدّ عرضة للتهديدات الأمنية العامة على الإنترنت، وانتهاك الملكية الفكرية وسرقة البيانات الشخصية. وتشير التقديرات في واقع الأمر، إلى أن 80% من جميع أجهزة الحاسوب الشخصية في القارة، مصابة بالفيروسات، وغيرها من البرمجيات الخبيثة.
وحيث إن مجرمي الإنترنت يستهدفون الضحايا داخل حدودهم الوطنية وخارجها، فإن البلدان الإفريقية تكافح لبناء القدرة الفنية والمالية اللازمة لاستهداف النشاطات غير المشروعة على الإنترنت، ورصْدها وإحباطها. ولا يوجد- ببساطة- العدد الكافي من المهنيين المدرَّبين، كما أن الإرادة السياسية لمعالجة هذه القضية قليلة.
وينبع ذلك من مجموعة من العوامل، من بينها الميزانيات غير الكافية والميل إلى التغاضي عن التهديد «غير المرئي». والبنية التحتية للأمن السيبراني في حدّ ذاتها، ضعيفة في القارة، مع وجود عوامل مثل البرمجيات القديمة أو المقرصنة، مما ترك الدول الإفريقية عرضة لتهديدات أمنية خطيرة.
إن ظاهرة الجريمة الإلكترونية ظاهرة عالمية تؤكد التقارير أنها الآن تتجاوز تهريب المخدرات كمصدر للدخل الإجرامي. ويتفشى تأثيرها في إفريقيا بوجه خاص، نظراًَ لغياب سياسات الأمن الإلكتروني المتماسكة والنقص في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات.
في عام 2014، ذكرت التقارير أن أنشطة الجرائم الإلكترونية آخذة في الازدياد بمعدل أسرع في إفريقيا من أي مكان آخر في العالم. ومرة أخرى، يشير ذلك إلى الشبكات الإجرامية التي تستغلّ ضعف البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات في القارة، لتكثير التهديدات من برمجيات ابتزاز الفدية، وعمليات الخداع على الشبكات الاجتماعية والبرمجيات الخبيثة الجديدة.
في جنوب إفريقيا وحدها، أفاد 73% من البالغين أنهم تعرضوا للجريمة الإلكترونية، بتكلفة للاقتصاد، تقدَّر ب 337 مليون دولار أمريكي. ومما يبعث على القلق بوجه خاص، زيادة البرمجيات الخبيثة المتنقلة التي تتصاعد جنباً إلى جنب مع تحرير القارة لأسواق الاتصالات ومع توافُر التكنولوجيات المحمولة على نطاق واسع.
ومع ذلك، فإن التأثير المالي المتزايد للهجمات الإلكترونية، أدّى إلى الإقرار في القطاعيْن الخاص والعام، بأن هنالك حاجة لاستجابات فعالة- حتى لو كانت المحاولات في الوقت الحاضر، للتصدّي لخطر الجرائم الإلكترونية، لا تزال غير كافية.
*مدير «المبادرة العالمية ضدّ الجريمة المنظمة المتخطية للحدود» (في سويسرا). موقع: «أوُل أفريكا»