الصين تُهيمن على أسواق الطاقة الخضراء
كريس ج. بوب*
تتفوق الصين في مجالات الطاقة المتجددة في العالم، بأنواعها المختلفة، سواء كان ذلك في ما تملكه من شركات لصناعة وحدات الطاقة الشمسية، أو صناعة توربينات الرياح، أو صناعة السيارات الكهربائية أو غير ذلك.
إذا كانت ستحدُث استجابة لتغيّر المناخ، فمن المحتمل أن تنبع من الصين. والدوافع الجيوسياسية واضحة. والطاقة المتجددة لا مناص منها على نحو متزايد، ومن المحتمل أن يكون لأولئك الذين يُهيمنون على الأسواق في هذه التكنولوجيات الجديدة، أكبر الأثر على أنماط التنمية في المستقبل. وإذ تجد دول كبرى أخرى نفسها في حالة إنكار للمناخ أو إهمال، قد تعزز الصين قوتها ووضعيتها بأن تصبح رائدة العالم في مجال الطاقة في المستقبل.
كان الرئيس شي جين بينج، صريحاً في هذه القضية، حين دعا بالفعل إلى «حضارة ايكولوجية»، و«التحول الأخضر» للدولة يدعم هذا القول، من خلال السعي إلى الانتقال إلى طاقات بديلة، والتحول إلى مزيد من الكفاءة في استخدام الطاقة.
بيد أن هنالك فوائد مادية أيضاً. فاستجابة الصين الاستباقية، تؤثر على أسواق الطاقة العالمية. واليوم، فإن خمساً من أكبر ست شركات لصناعة وحدات الطاقة الشمسية في العالم، وخمساً من كبريات شركات صناعة توربينات الرياح، وستاً من أكبر عشر شركات لصناعة السيارات، الملتزمة بالتحول إلى الطاقة الكهربائية، كلها مملوكة للصين.
والصين في الوقت نفسه، مهيمنة في قطاع الليثيوم؛ مثل صناعة البطاريات والسيارات الكهربائية وما إلى ذلك، وهي رائدة عالمية في مجال استثمار الشبكات الذكية، وغيرها من تكنولوجيات الطاقة المتجددة.
وليس ذلك إلاَّ البداية. فهنالك توقعات متواضعة بأن 20% فقط من استهلاك الطاقة الأولية للبلاد، سيأتي من مصادر غير كربونية بحلول عام 2030.
ولكن يجدر التنويه أيضاً بالآثار الجيوسياسية لقيادة تغير المناخ. خذ الولايات المتحدة على سبيل المثال، وهي أكبر دولة باعثة للكربون. كان هذا البلد في السابق نشيطاً في سياسة المناخ، وإن يكن منافقاً إلى حدّ ما (مؤيداً للتكسير الهيدروليكي، على سبيل المثال)، ولكن إدارة ترامب الحالية صريحة في إنكارها الذي لا يقوم على أساس، لتغير المناخ، بعد أن انسحبت من اتفاقية باريس. كما وظفت أشخاصاً منكرين لتغير المناخ، لرئاسة وكالاتها البيئية، وغيرها من مكاتب الطاقة.
ولنقارن ذلك مع الصين، التي تعمد إلى الاستباق بصورة متزايدة.
في عام 2016، أصبحت أكبر مالك أسهم في مصرف جديد، هو البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، الذي يقوم إلى جانب بنك الاستثمار الجديد الذي أنشأته منظمة بريكس، بالاستثمار الضخم في الطاقة الخضراء.
ويُنظر إلى المؤسستين باعتبارهما منافسين محتملين لصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي. والصين باعتبارها قوة رئيسية، فإنها تعزز سلطتها الدولية بريادتها هذه البدائل المتعددة الأطراف، التي يُستثمر كثير منها في مشاريع الطاقة الخضراء.
و«التحوّل إلى اللون الأخضر»، إذن، في حين أنه ضروري على نحو لا يمكن إنكاره، هو صورة أو قيمة من المفيد التحلي بها؛ لأنها تنفع في إضفاء الشرعية على زعامة الصين الدولية والإقليمية. وبهذا المعنى، فإنها تعكس صورة الطريقة التي تتبنّى فيها دول مجموعة جي 7 «الديمقراطية» أو «الحرية».
*باحث في جامعة شيفيلد في بريطانيا – موقع «ذي كنفرسيشن»