محنة الروهينجا تتكشف في آسيا
فيجاي براشاد*
لا يكفي إلقاء اللوم في العنف ضدّ الروهينجا في ميانمار، على الرهبان البوذيين المتطرفين، والمسلحين الراخين. فدولة ميانمار متواطئة في هذا العنف منذ بدايته.
عمال الإغاثة في الوكالات الدولية، يجلسون معي في دكا (بنغلادش). وهم يتحدثون عن الصعوبات التي يواجهها أفراد شعب الروهينجا، الذين فرّوا من ميانمار إلى بنغلادش في غضون الأشهر القليلة الماضية.
وصل أكثر من 650 ألف شخص من مجتمع الروهينجا إلى بنغلادش منذ 25 أغسطس/ آب من العام الماضي. وهذا وابل من أناس قاطنين، مجتمعاً مهدداً بالانقراض على مدى العقود السبعة الماضية. مخيم اللاجئين بالقرب من «بازار كوكس» مكتظ وغير صحي على نحو خطر. وهنالك بالفعل تفشٍّ لمرض الخناق (الدفتيريا)، مع وجود مؤشرات على تحديات صحية حادة مقبلة. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني نصف اللاجئين سوء التغذية وفقر الدم، في حين يعاني ربع الأطفال من سوء التغذية الحاد.
والأمور أسوأ في تايلاند، حيث بيع عدد غير معروف من اللاجئين الروهينجا في سوق الرقيق (تشير التقديرات إلى أن 500 ألف من العبيد يعملون في مختلف الصناعات في تايلاند). ويعمل كثير ممن يباعون في العبودية على قوارب الصيد، ولا سيما في صناعة صيد الروبيان. ويقال إن سعر الشخص المستعبد الآن هو مجرد 5% مما كان عليه في القرن التاسع عشر. وفي واقع الأمر، لا تبدأ العبودية عندما يغادر اللاجئون ميانمار. إذ يفيد مسؤولو الأمم المتحدة بأنه في المخيمات التي يتجمع فيها الروهينجا في مدينة «سيتوي» عاصمة ولاية راخين الساحلية، داخل ميانمار، «ينشط مهربو الناس كثيراً في المخيمات».
ومن المذهل أن حوالي ربع شعب الروهينجا طرِدوا من ميانمار، حيث شُردت أعداد كبيرة داخلياً في ما يقرب من أن يكون معسكرات اعتقال. وقد زار «ماريكسي ميركادو» من منظمة يونيسيف بعض هذه المخيمات، حتى المخيمات التي يصعب الوصول إليها مثل مخيم بلدة باتاو. يذكر ميركادو «أن أول ما يلاحظه المرء عندما يصل المخيمات هو الرائحة النتنة التي تثير التقيؤ.. فبعض أجزاء المخيمات بالوعات بالمعنى الحرفي. والأكواخ تتأرجح فوق أعوادٍ مغروزة في القمامة والبراز. ويخوض الأطفال بأقدامهم الحافية الأقذار والأوساخ. وقد أبلغ أحد مديري المخيم عن أربع حالات وفاة بين الأطفال ما بين سن 3 إلى 10 سنوات خلال الأيام الـ18 الأولى من ديسمبر/ كانون الأول». وهنالك نحو 60 ألف طفل في هذه المخيمات، معزولين تماماً مع «مستويات عالية من الخوف السام»، كما قال ميركادو.
وفي 19 سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، كسرت زعيمة ميانمار المدنية، والحائزة على جائزة نوبل صمتها حيال الفظائع ضد شعب الروهينجا. ولكن خطابها كان مليئاً بالمراوغات من جميع الأصناف. لم تذكر اسم الروهينجا على لسانها، خوفاً من أن يضفي لفظ هذا الاسم الشرعية على ادعاء هذا المجتمع أنه جزء من النسيج الاجتماعي في ميانمار. قالت على نحو مستغرب، إن حكومتها لا تعرف على وجه الدقة ما يجري في ميانمار، وأنها تحتاج إلى أن «تعرف لماذا يحدث ذلك».
ولكن ما يحدث واضح لجيش ميانمار، وسلطاتها المدنية منذ سبعة عقود. إن هنالك حملة دقيقة لحرمان الروهينجا، الذين يعيشون في ولاية راخين الشمالية (التي كان اسمها اراكان سابقاً) من الجنسية أولاً، ثم حرمانهم من القدرة على كسب لقمة العيش. وكانت المذابح تحدث بانتظام دقيق، مع تصاعد حدتها منذ مذبحة عام 2012. ولعل سان سو كي، كانت ستعرف طبيعة العنف على الوجه الأكمل، لو زارت قرية «يان تي»، حيث تواطأت الشرطة مع متطرفي الراخين لتدمير القرية. وفي تلك المعمعة، أزهق المتطرفون والشرطة أرواح 28 طفلاً، 13 منهم دون سن الخامسة، ومعظمهم تمّ تقطيعهم إرَباً حتى الموت.
ولا يكفي إلقاء اللوم في هذا العنف على الرهبان البوذيين المتطرفين، والمسلحين الراخين. فدولة ميانمار متواطئة في هذا العنف منذ بدايته. وقد قامت، بسبب التعصب والدين، باستهداف مجموعة الأقلية (الروهينجا) التي لم تسلح نفسها للقتال في سبيل حقها كمجموعة أقلية (على عكس شعبيْ الكارين والشاه).
وقد تواطأ حزب اونغ سان سو كي، الرابطة الوطنية للديمقراطية، بشكل وثيق مع الجماعات المتطرفة من ولاية الراخين منذ ثمانينات القرن الماضي.
ويبلغ معدل الفقر في ولاية راخين، درجة مذهلة لا تقل عن 78%.
وبدلاً من معالجة هذه المشكلة، اعتاد قادة الجيش والقادة المدنيون توجيه الأصابع نحو الروهينجا الفقراء فقراً مدقعاً.
*معلق وصحفي ومؤرخ هندي. موقع: «الترنت»