غير مصنفة

الشباب أساس النهضة والمستقبل

برناردينو ليون*

اختتمت الدورة الخامسة من أسبوع أبوظبي للاستدامة للعام 2018، وكان لي شرف الاجتماع والاستماع إلى العديد من قادة الفكر من الجهات الحكومية ورواد الأعمال الدوليين والأكاديميات العالمية.
كانت رؤاهم ووجهات نظرهم حول الطاقة والاستدامة مفيدة للغاية، حيث ساهمت في تعزيز معرفتي حول هذا الموضوع، وتمكنت من استنتاج ثلاث أفكار رئيسية.
– الأولى، أن هناك العديد من الفرص التي علينا استغلالها لنؤمن حاجة 1.2 مليار شخص في جميع أنحاء العالم من خدمات الطاقة الحديثة.
– الثانية، تتمحور حول الصراعات الجيوسياسية الحالية، والتي تشكل تهديداً خطيراً على النجاحات التي تم تحقيقها إلى الآن في هذا القطاع.
– الثالثة، وأعتبرها الفكرة الأهم بالنسبة لي، هي أن الشباب اليوم – قادة الغد سيلعبون دوراً محورياً في بناء مستقبل مستدام للجميع.
وبصفتي المدير العام لأكاديمية الإمارات الدبلوماسية، فالمسؤولية تقع على عاتقي لأُبيّن للطلبة ما يبدو عليه المستقبل المستدام، ولأغرس فيهم روح المسؤولية وأسلط الضوء على دورهم كدبلوماسيين وقياديين مستقبليين في دعم تحقيق هذا المستقبل.
حضر طلاب الأكاديمية اليوم الأول والثاني من أسبوع أبوظبي للاستدامة 2018، وأُتيحت لهم فرصة المشاركة والاطلاع على بعض القضايا التي قد يواجهونها في حياتهم المهنية مستقبلاً، وتمكنوا من لمس الآثار الحقيقية الناتجة عن الأنشطة والمبادرات التي تطلقها الدولة، مثل جائزة زايد لطاقة المستقبل وغيرها، ومدى تأثيرها على بعض القرى الإفريقية النائية والمناطق الأخرى التي لا تستطيع الحصول على الكهرباء. وشعرت بالفخر الشديد عند رؤيتي لإحدى طالبات الأكاديمية، جواهر المهيري، وهي تشارك وتتحدث بكل ثقة ووقار في حلقة النقاش الافتتاحية الخاصة بالشباب، حيث أظهرت بكل وضوح مستوى جهوزية وقدرات طلابنا في الأكاديمية.
تساهم هذه الفعاليات في تجهيز قادة المستقبل وتعزيز معارفهم وإدراكهم لما قد يكون على المحك، إذا ما فشلوا في التخطيط ووضع الأولويات التي تدعم التنمية المستدامة بشكل سليم. ولا يقتصر ذلك على دور دولة الإمارات العربية المتحدة فحسب، بل يشمل دور القياديين المستقبليين من كافة أنحاء العالم.
وما لفت نظري وأثار اهتمامي هو أننا نرى مدى اهتمام العديد من دول العالم بالطاقة والاستدامة. ونرى اليوم نوعاً جديداً من الطاقة الناشئة، ألا وهي الدبلوماسية. وقد أصبح الكثير من وزارات الخارجية ومن كل أنحاء العالم أكثر انخراطاً في دعم وقيادة التعاون الدولي الاستراتيجي في مجال الطاقة، وموازنة الطلب المتزايد على الطاقة مع جهود حماية البيئة.
وفي الواقع، تلعب الدبلوماسية دوراً رئيسياً في التحول للطاقة المتجددة واعتمادها، وذلك من خلال بناء جسور التواصل وتنسيق الجهود والحصول على دعم الحكومات والشركات والمجتمعات المحلية. وقد شهدنا تزايد ظاهرة التجارة عبر الحدود في مجال الكهرباء في الاتحاد الأوروبي، والتي ساهمت في خفض معدل الاستهلاك بشكل كبير. وشهدنا أيضاً انتشار الطاقة النظيفة في جميع أنحاء القارة الإفريقية وأمريكا الوسطى. واليوم، تقع المسؤولية على عاتق دبلوماسيينا ليضمنوا ازدهار وتطور هذه المبادرات من خلال بناء العلاقات الدولية وتعزيزها ووضع الأطر والأنظمة اللازمة لذلك.
وضعت دولة الإمارات استراتيجية طموحة للطاقة، وهي تعمل بلا هوادة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة، وعلى قادة المستقبل، سواء داخل الدولة أو خارجها، والشباب أن يعوا أهمية هذه الجهود، وأن يواصلوا العمل متبعين هذا الإرث، والبناء على ذلك من خلال إيجاد سُبل جديدة لتعزيز التعاون الدولي وإيجاد الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات المستمرة.
اتضحت أهمية الدور الذي يقوم به فن الدبلوماسية وبكل أنواعه من خلال الاستماع إلى العديد من القصص حول البرامج الفريدة التي تم تقديمها وساهمت في تحسين حياة الكثير من الشعوب، فعلى سبيل المثال، يتيح التعاون الدولي الذي يُسهّل الوصول للطاقة في المجتمعات المحلية المحرومة، فرصة الحصول على التعليم والرعاية الصحية وتأمين مستقبلهم.
وأنا أؤمن بأنه ومن خلال التآزر والتعاون الذي يتجاوز الحدود الدولية، يمكننا أن نُغيّر وأن نُطوّر الحياة نحو الأفضل. وهذه هي رسالتي التي أود إيصالها للشباب اليوم، الذين هم قادة المستقبل وصُنّاع السياسات والدبلوماسيون.

*مدير عام أكاديمية الإمارات الدبلوماسية


Original Article

زر الذهاب إلى الأعلى