هل توحيد الكوريتين ممكن؟
جي يونغ لي*
بعد ثلاث محاولات وإخفاقات سابقة، هل إعادة توحيد الكوريتين ممكنة في عام 2018؟
سوف يشارك رياضيون من كوريا الشمالية والجنوبية تحت علم واحد، خلال مراسم افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2018، في مقاطعة بيونغ تشانغ في كوريا الجنوبية.
ويُعتبر «علم التوحيد الكوري»، علامة رمزية للغاية، ترمز للمصالحة، وتذكّر في الوقت نفسه بانقسام كوريا، الذي ما زال قائماً منذ 1945.
وبوصفي عالِمة في العلاقات الدولية في شرقي آسيا، أشعر بالانجذاب الشديد إلى مسألة إعادة التوحيد التي تشكل دعامة أساسية للمصالحة والحوار بين كوريا الشمالية والجنوبية. ولكن التاريخ يشير- لسوء الحظ- إلى أن مثل هذه الجهود التي ترمي إلى إعادة توحيد شبه الجزيرة في بلد واحد، غالباً ما لا تمضي بعيداً. فمعظم الكوريين الجنوبيين غير متفائلين بشأن إعادة التوحيد. ففي دراسة حول مفهوم إعادة التوحيد، أجراها عام 2017، «معهد دراسات السلام والتوحيد في جامعة سيؤول الوطنية»، كان 24.7% من الكوريين الجنوبيين لا يعتقدون بأن التوحيد ممكن. ويعتقد 2.3% فقط من الكوريين الجنوبيين الذين شملتهم الدراسة، أن التوحيد ممكن «في غضون 5 سنوات»، بينما ردَّ 13.6% بالقول إنه ممكن «خلال 10 سنوات».
إلاّ أن نفس الدراسة الاستطلاعية تشير إلى أن 53.8% من الكوريين الجنوبيين يعتقدون أن إعادة التوحيد ضرورية.
ولكن، باستثناء ذلك، هنالك توافق ضئيل في ما يتعلق بنوع البلد الذي ينبغي أن تكون عليه كوريا الموحدة. فما يقارب نصف المشاركين في الدراسة من الكوريين الجنوبيين، يريدون الإبقاء على النظام السياسي الديمقراطي في كوريا الجنوبية، بينما يؤيد 37.7% شكلاً من أشكال النظام الهجين، أيْ حلاًّ وسطاً بين نظاميْ كوريا الشمالية الجنوبية. ومع ذلك، أجاب 13.5% من الكوريين الجنوبيين، بأنهم يفضلون استمرار وجود نظاميْن داخل دولة واحدة.
وكانت المرة الأولى التي عَقدت فيها كوريا الشمالية والجنوبية محادثات منذ الحرب الكورية التي استمرت من 1950- 53، عام 1971. واتفقتا على مبادئ أساسية لإعادة التوحيد. ووفقاً للبيان المشترك بين الكوريتين في 4 يوليو/ تموز، ينبغي تحقيق إعادة التوحيد من خلال: أولاً، جهود مستقلة من قبل كلتا الكوريتين، ثانياً: وسائل سلمية، و ثالثاً: تعزيز الوحدة الوطنية التي تتجاوز الاختلافات في الإيديولوجيات والأنظمة.
وعلى الرغم من أهمية هذا الانفراج في العلاقات، بالنسبة إلى الاتفاقات اللاحقة، فإنه سرعان ما انهار بسبب غياب النية الصادقة لدى الزعماء على المتابعة والتطبيق. فقد اعتبرت كوريا الشمالية الحوار بين الكوريتين وسيلة لفطم كوريا الجنوبية عن علاقتها الوثيقة مع الولايات المتحدة واليابان. واعتبره زعيم كوريا الجنوبية، «بارْك تشونغ- هي» أداة مفيدة في تعزيز حكمه الاستبدادي.
وفي عام 1991، عاد الكوريون الشماليون والجنوبيون مرة أخرى إلى فكرة المصالحة، ووقعوا على «الاتفاق الأساسي». وفيه عرّفتْ الكوريتان علاقتهما لا كدولتين منفصلتين، بل كدولة واحدة تمرّ ب«فترة انتقالية خاصة»- أي أن هنالك عملية جارية باتجاه إعادة التوحيد النهائي.
وهنالك معْلم بارز آخر حدث عام 2000. حيث عقدت كوريا الشمالية والجنوبية أول قمة بلغت درجة أكثر المشاركات بين الكوريتين جوهريّة وتكراراً حتى ذلك الوقت. وكانت «سياسة الشمس المشرقة» التي اتبعها الرئيس الكوري الجنوبي، «كيم داي جونغ» وخلَفُه «رو مو هْيون»، ترمي إلى إحداث تغيير تدريجي في كوريا الشمالية باتجاه إعادة التوحيد، من خلال التعاون بين الكوريتين في القضايا الإنسانية، والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية. ولكنْ في مواجهة استفزازات بيونغ يانغ المستمرة، وبرنامج التطوير النووي، كان لهذا النوع من السياسة الموجهة نحو المشاركة حدود جدّية يقف عندها. ومع الزمن، أصبحت شيئاً فشيئاً، أقلّ شعبية لدى الجمهور.
وبعد ثلاث محاولات وإخفاقات، هل إعادة توحيد الكوريتين ممكنة في عام 2018؟
إنّ ما تظهره هذه المحادثات السابقة، هو أن المصالحة ليست قابلة للاستدامة دون إحراز تقدم ملموس في إزالة القدرات النووية لكوريا الشمالية.
*أستاذة مساعدة في كلية الجامعة الأمريكية للخدمة الدولية. موقع: «ذي كنفرسيشن»