الصين تبني دفاعاً صاروخياً
دوغ تسوريوكا*
تعمل الصين لتطوير قدرات دفاع صاروخي بمواجهة جارتها اللدودة الهند، التي تملك هي أيضاً قدرات نووية. كما أن مشروع الدفاع الصاروخي الصيني يهدف إلى تطوير دفاع ضد الترسانة النووية الأمريكية.
في 18 يناير/ كانون الثاني، أجرت الهند تجربة ناجحة للصاروخ الباليستي (العابر للقارات) الأكثر تطوراً في ترسانتها، هو صاروخ «أغني – 5» القادر على حمل رؤوس نووية. وهذا يؤكد أن الترسانة النووية الهندية يمكن أن تشكل تهديداً للصين، كما لباكستان.
والصين تقع أيضاً في مرمى صواريخ كوريا الشمالية المسلحة نووياً، في حين أن اليابان تدرس ما إذا كان يتعين عليها امتلاك قدرات صاروخية – نووية.
غير أن ما يدعو للدهشة هو أن جهود الصين لتطوير دفاع صاروخي ضد هذه التهديدات لم يثر اهتماماً كبيراً. ويقول بروس ماكدونالد، الباحث الأمريكي الخبير في الدفاع الصاروخي، إنه يبدو أن الصين تكثف جهودها لنشر نظام دفاع صاروخي استراتيجي في السنوات المقبلة، ولكن ضمن نطاق محدود. وأشار إلى أن هدف الصين هو مواجهة القدرات الصاروخية المتعاظمة للهند أكثر منه مواجهة تهديدات صاروخية كورية شمالية ويابانية وأمريكية. كما أشار إلى أن مناقشات اليابان حول مسألة امتلاكها قدرات نووية ليست أيضاً مصدر قلق كبير للصين.
غير أن الهند مسألة مختلفة، خصوصاً في أعقاب المواجهة بين قوات هندية وصينية في منطقة دوكلام الحدودية المتنازع حولها. ومع ذلك، تدل المؤشرات على أن الصين لا تنوي نشر دفاع صاروخي ضخم بمواجهة الهند – إلا إذا حدث تدهور غير متوقع في العلاقات بين البلدين.
ويرى ماكدونالد أن الصين لديها دافع خفي لتطوير دفاع صاروخي، هو تطوير أسلحة مضادة للأقمار الصناعية.
يذكر أن ماكدونالد سبق أن عمل مستشاراً أمنياً في البيت الأبيض، كما عمل فترة لدى وزارة الخارجية الأمريكية.
ولاحظ ماكدونالد أن الهند بدأت في العام 2016 نشر الصاروخ العابر للقارات «أغني – 5» بشكل يضع لأول مرة جميع المدن الصينية الكبرى في مرماه. وهو يعتقد أن الهند تعمل حالياً لتطوير الصاروخ «أغني – 6» الأكثر تطوراً، والذي سيكون قادراً على حمل رؤوس نووية متعددة. غير أن الهند تحيط مشروعها لتطوير هذا الصاروخ بسرية مطبقة.
واللافت للنظر هو أن ماكدونالد وخبراء آخرين يعتقدون أن كلاً من الصين والهند تهدف من برامجها الصاروخية إلى الردع وليس إلى بناء قوة صاروخية هجومية. ولكن هناك عامل آخر يدفع الصين إلى تطوير نوع من درع صاروخي، هو تخوفها من أن تطور الهند مثل هذا الدفاع الدفاعي. وفي الواقع، سبق أن أعلنت منظمة الأبحاث والتطوير الهندية (وكالة حكومية مهمتها إجراء أبحاث وتطوير استراتيجية عسكرية) أنها تعمل من أجل تطوير وسائل تحمي البلاد من صواريخ يصل مداها إلى 5000 كلم. ونقل ماكدونالد عن باحث أكاديمي صيني قوله: «هل يمكنكم تصور أن تمتلك الهند دفاعاً ضد الصواريخ الباليستية الاستراتيجية بينما الصين لا تمتلك مثل هذا الدفاع؟».
ويقول ماكدونالد، إن الصين تسعى لتطوير قدرات مضادة للصواريخ لأسباب تتجاوز قلقها من التهديدات التي تمثلها الهند واليابان وكوريا الشمالية. وأحد هذه الأسباب هو تطوير قدرات لمواجهة أعداء محتملين أكثر خطورة مثل الولايات المتحدة.
علاوة على ذلك، الصين لديها ترسانة صاروخية نووية صغيرة مقارنة مع الولايات المتحدة وروسيا. ولهذا فإن تطوير صواريخ اعتراضية مضادة للصواريخ الباليستية سيساعدها في حماية قوتها النووية الرادعة. كما أن الصين ترغب في تطوير صواريخ اعتراضية لحماية أهداف حيوية مثل منشآت عسكرية أو مشروعات بنية تحتية مدنية عملاقة مثل سد الممرات الثلاثة.
*رئيس تحرير لدى موقع «آسيا تايمز»