مرونة المنهج الدراسي

شيماء المرزوقي
رافق التطور التقني وخاصة في مجال الاتصالات، والذي قادته شبكة الإنترنت، وما أفرزته من وسائل وتطبيقات جديدة، تقدم غير مسبوق في مختلف مجالات الحياة البشرية، وخاصة في مجال العلوم حيث دفعت بها نحو الأمام وسهلت بالتالي تحقيق منجزات غير مسبوقة وأخرى لم تكن لتتحقق على أرض الواقع، إلا أن مجال التعليم تحديداً يعتبر واحداً من أهم هذه المجالات التي تأثرت بشكل إيجابي بكل هذه التقنيات واستفادت منها. وحسب تقرير استشراف المستقبل، الذي أصدرته أكاديمية دبي للمستقبل: «فإنّ التعليم هو أحد أهم القطاعات التي تتأثر بالتقدم التقني، وخاصة بتقنية الإنترنت والواقع الافتراضي، وسنشهد في الأعوام القادمة تطورات كبيرة في هذا المجال». ورغم هذا التأثير الملموس إلا أنه قد يدهشكم أن التقنيات الحديثة وخاصة المرتبطة بشبكة الإنترنت بطيئة في الدخول نحو المناهج الدراسية وما يتم تعليم الفتيات والشباب عنه، حيث تعتبر المناهج الدراسية في كثير من دول العالم تقليدية. وحدث تبعاً لمثل هذه الحالة انفصال وانفصام بين الواقع الذي يعيشه الطلاب وتقنيات الاتصالات والتواصل الاجتماعي، حيث يمكن الملاحظة بسهولة أن الفتيات والشباب في مختلف أرجاء العالم يحملون في أيديهم أجهزة هواتف ذكية محملة بالتطبيقات التي تقدم لهم خدمات متنوعة ومختلفة، بل إن هناك شريحة واسعة منهم تقتحم مجال الألعاب الإلكترونية ويقضون ساعات طويلة من يومهم في خضمها دون تعب أو كلل. والغريب أنك قد تجد البعض منهم يملكون خبرات تقنية ومعرفية بالبرامج والبرمجيات ولكنهم يملون عندما يستذكرون دروسهم خاصة في مادة الحاسب الآلي، بينما جل يومهم يقضونه أمام شاشة الكمبيوتر في منازلهم، وقد تجد شاباً يستطيع تصميم موقع متكامل على شبكة الإنترنت، أو تطبيق على الهواتف الذكية ويملك خبرات متعددة في برامج لغاتها البرمجية الأكثر تعقيداً، ولكنه في المدرسة وخاصة في مادة الحاسب الآلي ضعيف ويحصد درجات متدنية متواضعة، والسبب أن ما يتم تعليمه تم تجاوزه وبات مملاً، بل لم يعد له أهمية في عصر المعلومات والتطور التقني الذي نعيشه، لذا ما يتم تعليمه لهؤلاء الطلاب منفصل عن واقعهم الحياتي. وليس غريباً أن نجد مثل هذه الهوة بين الحياة التي نعيشها وما يتم تعليمه في المدارس. إن من متطلبات ردم مثل هذه الهوة أن تكون شبكة الإنترنت جزءاً من منظومة التعليم، وأن تكون مناهجها وطرق تدريسها متقاطعة معها، يجب أن تتمتع المناهج بالمرونة والتغير والتبدل وفق التحديثات المستمرة التي يشهدها العالم.
Shaima.author@hotmail.com
www.shaimaalmarzooqi.com