من يملك سلطة إطلاق أسلحة نووية؟
كون هالينان*
إنه لأمر مخيف أن يكون لدى قادة الدول النووية، مثل الرئيس الأمريكي دوناد ترامب، والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج – أون، «زر نووي». وما يخيف أكثر هو أن هناك مسؤولين وقادة عسكريين عديدين يستطيعون هم أيضاً الضغط على «الزر النووي».
عندما احتدم جدال بين الرئيس ترامب، والزعيم كيم حول «الزر النووي»، كان ذلك يوحي بأن قادة الدول النووية هم الوحيدون الذين يسيطرون على الأسلحة الرهيبة. ولكن في الحقيقة، هناك آلاف من الأزرار النووية وآلاف من أشخاص يمكنهم بدء حرب نووية.
وفي كتابه «ماكينة نهاية العالم»، يقول الناشط السلمي الأمريكي دانيال إلسبيرج (الذي اشتهر بنشره «أوراق البنتاجون» السرية عن حرب فيتنام عام 1971) إن الجدال الذي ثار مؤخراً بين الرئيس ترامب والزعيم كيم جونج – أون حول «الزر النووي» يخفي واقع أن «كل رئيس فوّض سلطة استخدام الأسلحة النووية إلى آخرين». وعلق إلسبيرج على هذا الجدال بالقول «إن فكرة أن الرئيس هو الوحيد الذي يملك السلطة الحصرية لإصدار أمر لهي فكرة خاطئة كلياً».
ولو كان هناك «زر» واحد فقط، لكان قتلُ زعيم بلد نووي يحول دون استخدام هذا البلد لأسلحته النووية، لأن تدمير واشنطن، أو موسكو، أو بكين سيعطل استخدام الأسلحة النووية لدولة نووية. ولكن في الحقيقة، سلطة إطلاق هذه الأسلحة موزعة عبر تسلسل قيادي. فإذا ما دمرت عاصمة دولة نووية وقتل رئيسها، فإن هناك جنرال ما يمكنه أن يأمر بإطلاق أسلحة نووية.
وخلال أزمة الصواريخ الكوبية عندما كان العالم على شفير حرب نووية، رفض ضابط قيادي واحد على متن غواصة نووية سوفييتية قبالة كوبا أن يصادق على أمر من موسكو بإطلاق طوربيد مزود برأس نووي على سفينة حربية أمريكية كانت تقيد تحرك الغواصة السوفييتية.
ومشكلة الأسلحة النووية هي أنها في الحقيقة سريعة العطب، لأن فترة صلاحيتها قصيرة. لأنه إذا ترددت قيادة دولة نووية في استخدام أسلحة نووية خلال أزمة حادة، فإن الخصم يمكن أن يدمر أسلحتها قبل استخدامها.
وبقدر ما تكون فعالية ودقة تصويب الأسلحة النووية كبيرة، بقدر ما تكون هذه الأسلحة مزعزعة للاستقرار. وعلى سبيل المثال، الولايات المتحدة وروسيا لديهما آلاف الأسلحة النووية الموزعة بين أسلحة البر، والبحر، والجو. ومهاجمة إحدى الدولتين الأخرى بأسلحة نووية سيكون انتحاراً، لأنه مهما تكن ضخامة الهجوم النووي الأول، أو «الضربة الأولى»، سيكون من المستحيل ضرب كل سلاح نووي لدى البلد الآخر.
واستراتيجية «الضربة الأولى»، أي المبادأة بهجوم كاسح لتدمير الترسانة النووية للخصم، كانت دائماً في صلب الخطط النووية الأمريكية. والآن، تبنت روسيا أيضاً هذه الاستراتيجية. ونتيجة لذلك، تحتفظ كلتا القوتين بأسلحتها النووية في حالة جاهزية للإطلاق، خشية أن يدمرها الطرف الآخر بضربة أولى.
والخطر هنا هو طبعاً اندلاع حرب نووية عن طريق خطأ، أو سوء فهم. وفي الواقع، كانت هناك على مر السنين نصف دزينة على الأقل من حوادث كانت القوتان فيها على مسافة دقائق معدودة من بدء تراشق نووي. والوقت المتاح لدولة نووية لكي تقرر ما إذا كانت تتعرض لهجوم فعلي، أو أن هناك خطأ ما قصير جداً. ويقدر أن الولايات المتحدة سيكون لديها نحو 30 دقيقة لكي تقرر ما إذا كان هناك هجوم فعلي ضدها. ولكن بالنسبة للروس الذين يملكون أنظمة إنذار مبكر أقل تطوراً، لا تزيد هذه المهلة على 15 دقيقة.
وبالنسبة للصين والهند، فهما لم تضعا استراتيجية ضربة أولى، ولكن الهند اعتمدت حديثاً استراتيجية «القوة المضادة». وبالنسبة لفرنسا وبريطانيا وباكستان، فقد احتفظت جميعها لنفسها بخيار الضربة الأولى. أما بالنسبة ل«إسرائيل»، فهي لا تزال ترفض الإقرار بامتلاكها أسلحة نووية، ولذلك ليس معروفاً ما هي استراتيجيتها.
*كاتب ومعلق – موقع «فورين بوليسي ان فوكس»